حرص إسرائيلي على منع أي ربط بين مساري التفاوضناصر شرارة

عندما سمع رئيس مجلس النواب نبيه بري الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يفوّضه، في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، في قضية تبادل الأسرى، كان ردّ فعله المباشر الإصرار على الامتناع عن أداء هذه المهمة.
ويتفهّم نصر الله أسباب رفض بري، إلا أن الأمين العام لحزب الله لا يستطيع، في ظروفه الحالية، أن يقود المفاوضات، لذلك رمى الطابة الى بري، بدل أن يضطر الى رميها الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ما قد يفسر على أنه خضوع لطلب دولي سابق بتسليم الجنديين الأسيرىن لدى حزب الله الى الحكومة.
وجاء طلب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، أول من أمس في بيروت، تسليم الجنديين إلى الصليب الأحمر أو الى الحكومة من دون شروط مسبقة، مسايرة لإسرائيل في موضوع لم يبدأ البحث العملي فيه بعد، إذ تنتظر ألمانيا إشارة انطلاق العملية من الطرفين أو من أحدهما.
ويؤكد مصدر قريب من الديبلوماسية الألمانية في بيروت أن برلين تجري اتصالات مبدئية بوصفها وسيطاً محتملاً في العملية، علماً أن فريق عمل ألمانياً مكلفاً هذا الأمر، وصل الى السفارة الألمانية في بيروت في الأسبوع الثاني من العدوان الاسرائيلي، وأجرى اتصالات أولية بإسرائيل، عارضاً بدء عملية التفاوض مع حزب الله لإتمام عملية التبادل.
وأفاد المصدر أن الجانب الإسرائيلي ردّ بأنه يعطي الأولوية في الوقت الحاضر لإنجاز عملية تبادل مع «حماس» بغية منع أي ربط بين عمليتي خطف الجنود في لبنان وغزة. لكنه لم يمانع في قيام الفريق الألماني بعملية جس نبض، في هذه المرحلة، للتثبت من المعلومات التي تؤكد أن الجنديين سالمان ومحاولة اكتشاف مكان احتجازهما إذا أمكن. وفيما يؤكد المصدر نفسه أن الجانب الألماني رفض الطلب، قال مطّلعون إن مصادر ديبلوماسية ألمانية وجّهت استفسارات غير مباشرة يستشفّ منها أن وراءها رغبة في معرفة مكان الأسيرين.
في هذه الأثناء كانت المبادرة المصرية غير المعلنة، التي شجّعها الإسرائيليون، لإتمام عملية تبادل للأسرى بين «حماس» وإسرائيل شارفت على الانهيار. وهنا طلبت إسرائيل من ألمانيا أن تنشط على جبهة تبادل الأسرى مع الفلسطينيين، لأن النجاح في هذا المجال سيفتح الباب أمام إطلاق عملية التفاوض الثانية مع حزب الله.
وتفيد المعلومات أن الفريق الألماني الموجود في بيروت بحث مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مسودة تسوية لإنجاز الصفقة مع «حماس» في وقت متقدم من العدوان على لبنان. وأبلغ عباس رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية أن مصر وافقت على التسوية التي تقوم، بحسب تأكيد مسؤول رفيع في حماس لـ«الأخبار»، على ثلاث مراحل:
في المرحلة الأولى تطلق اسرائيل نساءً وأطفالاً من سجونها في مقابل معلومات عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت الأسير لدى «حماس».
وفي المرحلة الثانية تطلق إسرائيل 500 أسير تحدد معايير صفاتهم السياسية والأمنية. في مقابل ذلك، وبالتزامن، تسلّم حماس «الجندي الإسرائيلي الى مصر. وفي المرحلة الثالثة تطلق إسرائيل 500 أسير في مقابل تسليم مصر الأسير الإسرائيلي الى بلاده».
ويؤكد المصدر في «حماس» أن الحركة تحفّظت على المبادرة بداية، ثم رفضتها بالكامل بعدما بعث الأسرى في السجون الاسرائيلية رسالة تطالب بعدم قبول بنودها.
وبهذا الفشل، عاد مسار تبادل الأسرى على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية الى النقطة الصفر. لكن المبدأ الذي يتحكم بالموقف الإسرائيلي لمعاودتها لا يزال ذاته، بحسب المصدر الألماني، وهو عدم إيجاد أية صلة بين إطلاق الأسرى اللبنانيين وإطلاق الأسرى الفلسطينيين، وتسليم الجنديين الأسيرين الى جهة ثالثة كمقدمة لأي بحث في الحل. لكن هذا الموقف يرسم السقف العالي الذي تضعه إسرائيل لدى بدئها أية عملية مقايضة، قبل أن تتدرج لاحقاً في تقديم التنازلات، بحسب المصدر الألماني.