تيار سياسي يضغط لتأتي النتيجة متناغمة مع توجهاته
عمر نشابة

عقد مجلس القضاء الأعلى جلسة أمس برئاسة القاضي انطوان خير وحضور الأعضاء لمتابعة بحث التشكيلات القضائية. واستمرت الجلسة أربع ساعات رسم فيها المجلس المبادئ العامة للتشكيلات وفق معياري الكفاءة والنزاهة.
وأكّدت مصادر المجلس لـ «الاخبار» أن المناقشات تجري بهدوء لإنضاج التشكيلات التي ستطاول حوالى 300 قاضٍ (إذ إن نقل قاضٍ واحد من مركزه تترتّب عليه حركة تقضي بنقل زهاء عشرة قضاة من مراكزهم لملء الفراغ الذي ينجم عن عملية النقل) كي تتوافق التشكيلات والآمال المعلقة على السلطة القضائية، بعد ما منيت به من تعثر كبير نتج من التأخير في اكتمال عقد مجلس القضاء، وشغور عدد من المراكز المهمة في المحاكم والنيابات العامة والتفتيش ومجلس شورى الدولة.
وأفاد مصدر قضائي بأن ثمة تدخلاً في مناقشة الأسماء المقترحة لتسلّم المناصب الحسّاسة، ومنها مناصب قضاة التحقيق والنيابات العامة ومركز مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية. وحذّر المصدر من مغبّة تزايد التدخلات السياسية ما قد يفضي إلى نشوب أزمة قضائية تتمثل في ارتفاع النقص في عدد القضاة وبعض الرؤساء في غرف محاكم التمييز بسبب إحالة عدد كبير منهم على التقاعد، كما هي الحال بالنسبة إلى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان جوزيف خليل، والقاضي لبيب زوين، فضلاً عن الفراغ الذي نجم عن وفاة النائب العام الاستئنافي في الشمال ريمون عويدات. ويضاف إلى ذلك انتظار 62 قاضياً تخرجوا من معهد الدروس القضائية منذ سنتين ولم يُلحقوا بالمحاكموتحدث المصدر القضائي عن ممارسة تيار سياسي ضغوطاً من خلال احد القضاة البارزين (وهو عضو في مجلس القضاء الاعلى) لتأتي هذه التشكيلات متناغمة مع توجه هذا التيار. ويقول مصدر إنه «لو سلمنا جدلاً بأن غالبية أعضاء مجلس القضاء محسوبون على قوى 14 آذار، فإن هذه الغالبية لا تقوى على فرض تشكيلات على الأقلية داخله، لأن قرارات مجلس القضاء، بحسب نظامه الداخلي، تصدر بإلاجماع. وإذا تعذّر الإجماع يشترط موافقة ثمانية أعضاء من أصل عشرة، وهو أمر غير متوفر، لأن الأكثرية لا تملك سوى سبعة أعضاء من أصل عشرة».
ولاحظ المصدر أن مرسوم التشكيلات، حتى إذا وُجد إجماع عليه في مجلس القضاء، فإنه قد يتعثّر في الدوائر السياسية، أي عند وزراء العدل والدفاع ورئيسي الحكومة والجمهورية، وهذه الدوائر تعدّ ممرّاً إلزامياً لصدوره، اذ إن لكل من هؤلاء مطالب قد لا يتنازل عنها، خاصة رئيس الجمهورية الذي يتمسّك ببقاء المحسوبين عليه في عدد من المراكز البارزة، في وقت تخوض فيه قوى الأكثرية معركة قاسية لإحداث التغيير الذي ترتئيه، إذ إنها ترفض استمرار الحال الراهنة التي تتمثّل في بقاء الأشخاص «المحسوبين على الرئيس لحود»، فيما تمسك قوى سياسية خسرت في الانتخابات النيابية، ببعض المراكز في السلطة القضائية. وهكذا تظل مسألة التشكيلات حبيسة التجاذبات السياسية رغم كل المحاولات الجادة للإفلات من قبضتها.