بنت جبيل ـــ داني الأمين
عادت الحركة إلى بنت جبيل. لكنّها حركة من دون حياة. فالطرقات ما زالت خالية من المارّة برغم إزالة بعض الركام. لكنّ ذلك لم يمنع الأهالي من اللقاء في أكثر من «زاوية». في بعض هذه «الزوايا» تجمّع الناس حول شاحنات «الإعاشة» حيث الفوضى هي السائدة. أمّا «الزوايا» الأخرى فهي الأماكن التي تتابع فيها «التعويضات». تسأل الحاج نجيب عن سبب وجوده، فيقول: «ناطر التعويض حتى فلّ». ويتابع «منزلي هدّم كلياً ولا أماكن هنا للإيجار. سأبحث عن منزل يؤويني وأولادي الخمسة في مكان آخر».
يبكي محمد بزي ويقول: «مش عارف لوين بدي روح... كنت مهجراً وأولادي الخمسة والعديد من أبناء بنت جبيل إلى إحدى مدارس صيدا. لكنّ إدارة المدرسة أبلغتنا بوجوب المغادرة إلى بنت جبيل، حيث أُمّنت منازل لأهل البلدة». يصمت ثمّ يردف: «كانت كذبة لكي نغادر المدرسة».
الحاجة زينب بلغت السبعين. لا زوج لها أو أهل. وهي تنتظر التعويض، وتسكن مؤقتاً في «أرضيّة» منزلها المهدّم.
لكن «أين سأسكن بعد ذلك، ما في بيوت للإيجار، والهيئة بدّن كثير حتى يعمروا. وبكرا جايي شهر رمضان وبعده فصل الشتاء وما إلي إلا اللهيقول قاسم: «الناس الذين عادوا الى بنت جبيل قسمان: قسم هدمت منازلهم ويتابعون التعويضات، وقسم منازلهم لم تهدم لكنهم عادوا خوفاً من احتلالها من قبل الاهالي».
جميع المحال التجارية في بنت جبيل دمّرت أو تضررت بشكل كبير. ومن أراد أن يسكن في المدينة، فعليه أن يقطع أكثر من أربعة كيلومترات كي يبتاع ما يحتاج اليه. أما الكهرباء فما زالت تحتاج الى وقت كبير لإصلاحها، وكذلك الهاتف».
ينسحب هذا الوضع أيضاً على بلدات عيثا الشعب وعيناثا وعيترون وغيرها. لكن المأساة في عيترون وعيثا الشعب يضاف اليها تلف الدخان وموت قطعان الأغنام والأبقار.
رئيس بلدية عيترون، المهندس سليم مراد، أصيب بجروح بالغة في رجليه ويحتاج الى عناية فائقة. أما نائب الرئيس، الحاج نجيب قوصان، فتجده يتابع أعمال البلدية عوضاً عن الرئيس، لكن عليك تعزيته باستشهاد أخيه أثناء مقاومته للغزاة.
يتحدّث الحاج نجيب عن فظاعة المأساة، لكنّ سخطه الأكبر على «الإهمال المتعمّد من قبل الوزارات المعنية. فحتى الآن لم تعرض أي وزارة خدماتها. أما إمكانات البلدية فهي شبه معدومة، والآليات التي تستخدمها دُمرت».
المجازر الخمس في عيترون، كما يقول الحاج نجيب، قد تستمر بسبب الإهمال والتراخي من قبل الجهات المعنية، مما يتطلب الإسراع في معالجة المصائب وإنقاذ الأهالي من قذائف التقصير والتخاذل.