سننجز بالحوار استراتيجية دفاعية للبنان وسنواصل داخل مجلس الوزراء وخارجه دعم موقف الحكومة والتزاماتها لتنفيذ القرار 1701
قارب رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مهرجان إحياء الذكرى الـ 28 لإخفاء الإمام موسى الصدر الملفات الساخنة مركزاً على موضوع الحصار، داعياً النواب إلى اعتصام في المجلس حتى رفعه، وتساءل: «هل المطلوب أن يدفع الشيعة ثمن انتمائهم للبنان فقط لأجل قتالهم اسرائيل؟».

صور ــ الأخبار

خرجت مدينة صور عن ازدحام الحزن وأجواء الحصار التي أرهقتها، على مدى نحو 33 يوماً، واستعادت أمس حيزاً من صخب المهرجانات، والوجوه المتقاطرة على وقع الأناشيد، تخترق طرقاتها المسكونة حتى الآن بوقع العدوان، لتحتفي بذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
وجوه حضرت إلى المدينة، من كل حدب وصوب، تاركة عند أبواب صور قوافل الحافلات الملفوفة بصور «السيد موسى» وبعض صور المجازر والشهداء، لتنتقل سيراً على الأقدام مسافة لا تقل عن ثلاثة كيلومترات، وصولاً إلى ساحة «البوابة» حيث المهرجان. لم يكن الدخول إلى المدينة بالأمر الهيّن، بعد أن منعت السيارات من سلوك شوارعها، وفي ظل الازدحام الخانق للناس المتدثر أكثرهم برايات «حزب الله» وحركة «أمل» وبعض أعلام «التيار الوطني الحر» وصور «الجنرال»؛ فضلاً عن صور الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
بعد طول انتظار، وصل الرئيس بري إلى منصة الشخصيات الرسمية ملقياً ابتسامته «المعهودة» على المستقبلين، الرسميين، هامساً في أذن وزير الإعلام غازي العريضي بعض الكلمات، استدعت رداً بابتسامة ناعمة، ثم مصافحاً وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت ممثلاً السنيورة، ووزير العدل شارل رزق ممثلاً رئيس الجمهورية العماد إميل لحود في حضور حشد رسمي وسياسي وحزبي وروحي، فيما لم تنفك الجماهير تردد: «الله بري ونصر الله والضاحية كلها».
تناول بري في مستهل كلمته قضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه وحمل مجدداً مسؤولية «هذه الجريمة إلى النظام الليبي وإلى رأس هذا النظام معمر القذافي شخصياً»، محذراً من «محاولة الاستفادة من دمنا ضد العدو الإسرائيلي بتقديم رشوة عامة بعد أن فشلت كل الرشوات الخاصة بتقديم مساعدات تحت عناوين إنسانية أو عروض بتسليح الجيش». وقال: «هذا الجيش نحن نريده قوياً. ونريده مسلحاً بكل أنواع الأسلحة التي تستطيع أن تحمي لبنان وتستطيع أن تدافع عن لبنان، ولكن صدقوني أي سلاح يأتي من ليبيا لهذا الجيش إنما هو ضد هذا الجيش ولا يمكن بالتالي أن يمر على شعبنا».
وتطرق إلى «ما تعرض له بلدنا من تسونامي إسرائيلية عصفت بالبشر والشجر والحجر»، وعرض الاجتياحات الإسرائيلية للبنان منذ عام 1978 ونشوء المقاومة التي«تمكنت من تحقيق إنجاز وطني كبير بتحرير المنطقة الحدودية في أيار 2000 باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا».
واذ اشار الى ان اسرائيل نجحت في عدوانها «موقتاً، في تحقيق البعد الاقتصادي لهذه الحرب والمتعلق بإمكان تدمير قيام لبنان كمنافس لها في نظام المنطقة في اطار ما يوصف بمشروع الشرق الاوسط الجديد»، اكد أنها «فشلت في تحقيق الاهداف المعلنة لحربها. كما فشلت في مشروعها الهادف لعرقلة لبنان، مؤكداً ان المقاومة اثبتت ايضاً عجز القوة الاسرائيلية عن كسر الارادة اللبنانية. كما اثبتت ان نافذة الفرص العسكرية قد اغلقت امام اسرائيل، وانه لم يعد بمقدورها فرض تسويات بالقوة وبشروط الأمن الاسرائيلي».
ولفت الى «أن صمود المقاومة وانتصار لبنان اقنع العرب كشعوب ان بمقدورهم الدفاع والصمود في مواجهة اسرائيل، واكتسبوا ثقة في النفس تؤهلهم لبناء توازن استراتيجي، وأن صمود المقاومة نجح اساساً في اعادة لم شمل الموقف العربي ولو بالشكل». وأكد ان الشيعة في لبنان ملتزمون «بلبنان وطناً نهائياً وبعروبته ووحدته وبالنظام البرلماني الديموقراطي وحفظ السيادة الوطنية بمواجهة الاطماع الاسرائيلية والنضال لاستكمال تحرير الأجزاء العزيزة من الأرض اللبنانية. وبالنضال بكل الوسائل الديموقراطية لتحقيق انتقال سلمي من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة، ارتكازاً على اتفاق الطائف بشقيه الاصلاحي والدستوري». ورفض اتهام الشيعة «بالخروج على الدولة، أو التمرد على مفهوم الدولة أو على اللبننة، او على لبنانيتها». ، لافتاً الى ان «المطلوب من الشيعة في بلد ما ان يدفعوا ثمن انتمائهم للاسلام والمطلوب من الشيعة في مكان آخر ان يدفعوا ثمن انتمائهم للعروبة» سائلاً: «هل المطلوب الآن أن يدفعوا ثمن انتمائهم للبنان فقط لأجل قتالهم اسرائيل؟».
ودعا بري «من اجل لبنان ومن اجل مواجهة استحقاقات الحاضر والمستقبل الى تطبيع العلاقات وبناء الثقة في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية في ايران وسوريا وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية». واعلن «اننا سنقوم وبأقصى سرعة وبالحوار بإنجاز استراتيجية دفاعية للبنان وسنواصل داخل وخارج مجلس الوزراء دعم موقف الحكومة والتزاماتها تجاه تنفيذ القرار 1701، وخصوصاً لجهة تـــــمكين الجيش اللبناني من تنفيذ مهامه بالـــــكامل».
واكد رفض «كل محاولة لتدويل الأمن على الحدود»، مطالباً الحكومة اللبنانية «من اليوم بتحدي الحصار تماماً كما فعل صيادو السمك في صور وبتسيير الرحلات الجوية لطيران الشرق الأوسط عبر مطار الشهيد رفيق الحريري». كما دعا «دول العالم الشقيقة والصديقة الى تسيير رحلات جوية ورحلات بحرية الى الموانئ البرية واعادة التواصل الانساني والبشري والتجاري، والنواب من كل الكتل والاتجاهات الى الاعتصام بصورة دائمة في المجلس النيابي حتى يفك هذا الحصار». كما دعا «جميع الدول العربية، لا اريد ان ازايد ان لم يكن لقطع علاقاتها مع اسرائيل، فعلى على الاقل سحب ممثليها ووقف التبادل الاقتصادي طالما استمر هذا الحصار».
وطلب من اللجنة العربية الثلاثية التوجه الى مجلس الامن بالسؤال واذا اقتضى الامر طلب الانعقاد. متمنياً ان تتم هذه الاجراءات من الآن وحتى يوم السبت.


الحريري يشيد
أشاد النائب سعد الحريري بخطاب الرئيس بري، وقال: «إنه يشكل رؤية صافية لتعزيز الوحدة ومواجهة تحديات العدوان». ودعا إلى «أن تكون هذه الرؤية محل اهتمام كل القوى السياسية في لبنان، ولا سيما في ما يتعلق بالالتفاف حول الدولة ومؤسساتها وتمكين لبنان من إنجاز استراتيجية دفاعية ومساعدة الجيش على القيام بالمهمات التي أوكلت إليه». وأضاف: «لا يمكننا إلا أن نتوقف أمام تعنت إسرائيل في إحكام حصارها في مخالفة للقرار 1701، وندعو الجميع إلى التجاوب مع نداء الرئيس بري لمواجهة هذا الحصار وفي اعتباره حكومة الرئيس فؤاد السنيورة حكومة المقاومة السياسية».