عمّمت وزارة الزراعة أخيراً ملخصاً عن تقدم العمل في استراتيجيتها للنهوض بالقطاع الزراعي. الملف، الذي أرسل إلى الجهات المعنية، تضمن أيضاً نص الاستراتيجية التي وُضعت عام ٢٠٠٩. تستحق هذه الوثيقة الإمعان بها، إذ إنها الأولى من نوعها في تاريخ حكومات لبنان، لا لأنها وجدت فقط، بل لأنه يُعمَل عليها بنحو دؤوب رغم الصعوبات المرتبطة بالواقع اللبناني. غير أن هذه الخطة، كما الأنشطة التي تتبعها ليست بعمل «بطولي»، فهي جزء مما يتوقعه أي مواطن من دولته وحكومته، إلا في لبنان؛ فهنا يجب علينا أن نقدّم التهانئ لمن يقومون بعملهم بغض النظر عن طبيعة العمل ونجاحه. تتضمن الخطة مقدمة غنية بالمعلومات عن واقع الريف والقطاع الزراعي في لبنان، التي تبين أن الفقر متركّز في الريف الشمالي من البلاد وفي ضواحي بيروت حيث يقطن النازحون من الأرياف. وبحسب الدراسة، تتركز الزراعة في البقاع ثم الشمال فالجنوب وأخيراً في جبل لبنان وتسهم بـ٦٪ من الدخل الوطني وتشغّل ما بين ٢٠٪ و٣٠٪ من اليد العاملة. وإضافة إلى ذلك كله، تمثل ١٧٪ من قيمة الصادرات. مع ذلك، تشكل موازنة وزارة الزراعة أقل من ٤ بالألف من الموازنة العامة! أما عن مضمون الخطة، فهو إلى حدٍّ ما تقليدي، ويتضمن جميع العناوين اللازمة من تشريعات إلى أبحاث إلى إرشاد وتسليف، إلا أن هذه المقاربات، على ضرورتها، ليست كافية للنهوض بالقطاع ولمعالجة الفقر والنزوح الريفي. فالخطة تفتقر إلى مقاربة تفرق بين المزارع الغني والفلاح الفقير. ففي لبنان قطاعان زراعيان: القطاع الرأسمالي والقطاع العائلي، وهو قطاع المعاناة والتعتير، وهو الذي يجب على المعنيين الانحياز إليه، إذ إنه لا يملك الأرض ولا المال ولا السلطة. ربما نحن بحاجة، كما في البرازيل، إلى وزارة متخصصة بالفلاحين تعنى بشؤونهم. لكن يا ترى كم ستكون حصتها من الموازنة العامة؟