لا تكاد تخلو «حاكورة» في الأرياف من «الأرضي شوكي»؛ فهذه الشتلة التي عرفها اللبنانيون في سبعينيات القرن الماضي لا تشبه أية شتلة أخرى، فهي «عابرة للمناطق، إذ تصلح زراعتها في جميع أنواع التربة والمناخات أيضاً»، بحسب المهندس الزراعي بشار برّو. ثمة نقطة اختلاف أخرى عن مزروعات لبنان، هي أنها «من المنتجات التي يصدّر منها لبنان نحو 5 أطنان في ذروة الإنتاج». نعمة قد تنقلب نقمة في فصل الشتاء، عندما يبدأ لبنان مسلسل «الاستيراد» من الخارج، ما ينعكس على سعر المحلي، حيث يضطر زارعوها «لخفض سعرها... وإلا بتكسد». برو، الذي يقوم سنوياً بزراعة نحو 50 دونماً من الأرضي شوكي في سهل زحلة، يقدّر المساحات المزروعة بتلك النبتة في البقاع بـ«500 دونم، تنتج سنوياً نحو 1500 طن، تستهلك القسم الأكبر منها المطاعم». لكن، هذه الكمية لا تثني لبنان عن الاستيراد، إذ يستورد منها سنوياً نحو 150 طناً، يأتي معظمها من مصر. ومن هنا، يشدّد برّو على ضرورة تشجيع هذه الزراعة «من خلال دعم كلفة الإنتاج العالية وإنشاء معامل لتصنيع المحصول المحلي بالطرق الحديثة وفقاً للمواصفات العالمية، على أن يترافق ذلك مع إيجاد أسواق خارجية لتصديره طازجاً أو معلباً، لا بالطريقة العشوائية». «جودة الأرضي شوكي المحلي تضاهي بأشواط المستورد منه إلى لبنان»، يؤكد منير صدقة، صاحب محل لبيع الخضار والفاكهة على طريق عام الفرزل _ رياق. أما السبب، فيشير الرجل _ مستنداً إلى براهين _ إلى أن «حجم الحبة المحليّة أكبر بثلاثة أضعاف المستورد منها، حتى إن طعم الأولى أطيب من الثانيّة التي تفقد من وزنها ونكهتها بسبب تعرّضها لتغيرات مناخيّة خلال فترة شحنها من الخارج». وينتقل الرجل للحديث عن الأرضي شوكي وأماكن زراعتها وكيفية هذه الزراعة، فيبدأ أولاً بتعريف الشتلة التي هي «جنس نبات من المركبات الأنبوبيّة الزهر، وتصلح زراعتها في جميع أنواع التربة، ويمكن أن تبقى جذوره في التربة لمدة 4 سنوات، فكلما يبست الأوراق تعاود النمو في التشرينين عقب هطول الأمطار، أو بمجرد ريّ الشتول بالمياه خلال فصل الربيع». أما بالنسبة إلى التربة المثالية «فيفضل أن تكون رطوبتها معتدلة، تجنباً لإصابة الغرسات بالعفن، مع أنه يزرع في جميع أنواع التربة». وعن الطرق المتّبعة لزراعة الخرشوف، يكمل المهندس برّو ما بدأه صدقة، فيشير إلى أن «هناك ثلاث طرق للزراعة بثلاثة مواقيت: فإما تزرع البذور في المشتل في شهر آذار ويمكن إبقاؤها في التربة لحين اكتمال نموّها، أو تقلع في المراحل الأولى من نموها وتغرس في الأرض المستديمة أواخر شهر أيار، أو يمكن الاستعانة بجذور الأرضي شوكي القديمة (مخلفات) وتزرع في الأرض الدائمة خلال التشرينين، وفي جميع الحالات «يجب أن تراوح المسافة بين كل شتلة ما بين 60 و70 سنتم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسافة بين الأثلام». وعلى هذا الأساس تحدد فترة الإنتاج المحلي، على أنها تبدأ منتصف شهر نيسان وتمتد على مراحل طوال أشهر الصيف حتى شهر أيلول. وبحسب برّو، تحتاج شتول الأرضي شوكي إلى الريّ «مرّة في الأسبوع بمعدل 10 أمتار مكعّبة للدونم الواحد، فضلاً عن تزويد التربة بالسماد العضوي والكيماوي مثل نترات الأمونياك وفوسفات وسلفات البوتاس».
أما بالنسبة إلى الأمراض التي تتعرض لها هذه الزراعة «فهي عفن الجذور والعفن الرمادي والبياض الدقيقي وبعض الحشرات مثل المنّ والدودة القارضة ودودة الخبازي والعنكبوت الأحمر ودودة ورق القطن».
بالنسبة إلى الكلفة ومعدل الإنتاج السنوي، ثمة فرق شاسع؛ إذ يشير برو إلى أن «كلفة الدونم تصل إلى حدود 1000 دولار تشمل أجرة الأرض ومصاريف محروقات وأجور العمال ونفقات أخرى، مقابل أرباح لا تتعدى بأحسن الأحوال 200 دولار للدونم الواحد».
تجدر الإشارة إلى أن الاسم الأصلي للشتلة هو شوكة القدس. وفي هذا الإطار، يجمع خبراء التغذية على غناها بالفيتامينات «أ» و«ب» والأملاح المعدنيّة مثل الفوسفور والمنغنيز، وهما يساعدان على تنشيط عمل الدماغ. وأكثر من ذلك، أثبتت الدراسات أن ثماره مفيدة لتنشيط عمل القلب والكبد وتساعد على خفض مستوى الكولسترول بالدم وتستعمل لعلاج أمراض الروماتيزم وتكلّس المفاصل والكلى، وخصوصاً حالات انحباس البول ونشاف الأوعيّة الدمويّة وخفض ضغط الدم المرتفع والحساسيّة في الجلد، ويمكن استخدامه للتخفيف من عوارض الفالج والرعاش.