فيما تُشغل مصر بالانتخابات الرئاسية وبتسيير الأمور المعيشية، يناضل الأحرار فيها يومياً لصد محاولات اختطاف الثورة. وفي الوقت نفسه، تُحاك خطط في بلدان الجوار تهدف إلى انتزاع «حقوق مصر التاريخية» من مياه النيل، التي تعطي أم الدنيا النفوذ على النهر الأفريقي. فمن جهة، تطالب إثيوبيا منذ سنين بحصة أكبر من المياه التي تنبع في أراضيها، مرتكزة على ولائها لأميركا في الضغط على مصر، لكنها لم تجرؤ على القيام بأية خطوة لسببين: أولهما أن ميزان القوة ليس لصالحها في أي نزاع مع مصر، وثانيهما أن الولايات المتحدة كانت، ولا تزال، بحاجة الى إرضاء مصر بكافة الطرق من أجل المحافظة على اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني، التي فرضت على الشعب المصري. غير أن ذلك، لم يمنع إثيوبيا من إعداد نفسها للمباشرة ببناء سدّ ضخم بكلفة تقارب ٥ مليارات دولار، وبدعم محتمل من الصين، فيما تراقب أميركا التطورات، وهي الخبيرة القديمة في استعمال سلاح الابتزاز. تعلم تماماً أن مصر ولدت من رحم النيل، وأن لا حياة لها من دونه. خبراؤها وباحثوها الأكاديميون نشروا آلاف الكتب والمقالات عن الموضوع، مثلهم مثل زملائهم الأوروبيين الذين يطلقون النظريات والمواعظ. وها هي دولة بوروندي الأفريقية التي يعبر فيها النيل الأبيض تنضم إلى الجوقة وتوقع مشروع قرار مشترك بين بلدان حوض النيل للضغط على مصر من خلال الآليات القانونية الدولية لاستبدال الاتفاقية الحالية التي أنجزها عبد الناصر بأخرى تضع مصر تحت رحمة جيرانها. يا ثوار مصر، عليكم أن تتنبّهوا لما يجري، فمصر اليوم مهددة والمياه فيها أساس الحياة والغذاء والعمل والنمو. وليس من الغريب أن تكون «إسرائيل» على استعداد دائم وتام للتدخل في شؤون حوض النيل ودعم من يشاء من الدول في محاولات تقييد أمّ الدنيا.