في اليومين الماضيين، فوجئ موظفو محكمتي صور المدنية والجزائية والمتقاضون بتقليص عدد العناصر الأمنية المكلفة بحمايتها. وذلك بعد أن وجد أحد المعنيين أن «موقع المحكمة مقبول أمنياً ولا تحتاج لهذا الكم من الحراسة التي نقلت إلى أمكنة أكثر حاجة» بحسب مصدر مطلع، علماً بأن ذلك «الكم» لا يبلغ أكثر من أربعة عناصر يؤمّنون الحماية أمام قاعة الجلسات وغرفة القاضي خلال دوام الأخير ليومين في الأسبوع، من دون أن تتوافر نقطة حراسة ثابتة للموظفين والمتقاضين، أو نقطة عند مدخلها لتفتيش المواطنين.
التدبير المستجد الذي أنقص عدد الحراس إلى اثنين فقط، أثار احتجاجاً لدى «أهل المحكمة» التي كانت قد شهدت حوادث عدة من تهجم أحد المتقاضين على قاض والحراس أثناء انعقاد احدى الجلسات، إلى العثور على آلات حادة مع متقاضين آخرين وعدد من الموقوفين. كما أن مقر المحكمة نفسه يقع في الطابق الأول من مبنى خاص، عند الواجهة البحرية الغربية لمدينة صور وبمحاذاة حارات سكنية مكتظة لا يفصلها شيء عن المحكمة ونوافذها المشرعة، وتضطر دورية الأمن التي تقصد المحكمة لتوصيل الموقوفين إلى المرور بينهما من دون أن يرافقها عدد كافٍ من العناصر.
أما في جويا، فقد كُلف مؤخراً أحد حارسي المحكمة الشرعية في البلدة بحماية المحكمة المدنية والجزائية خلال انعقاد جلساتها الأسبوعية. المهمة الإضافية التي كلّف بها العنصر الأمني التابع لجهاز أمن السفارات، جاءت بعد طلب من رئاسة المحكمة التي لا تزال مكشوفة أمنياً بالرغم من الحوادث التي طالت بعض موظفيها في الفترة الماضية، علماً بأن المحكمتين تقعان متقابلتين في مبنى خاص، تستأجر منه الدولة طبقتين إحداهما تشغلها فصيلة جويا وأخرى تشغل المحكمتان شقتيه. مع ذلك فإن الفصيلة التي تتمركز في الطبقة السفلية ويمر المواطنون بالقرب منها في طريقهم إلى المحكمتين، تخرج حمايتهما عن صلاحيتها لتقتصر على جهاز أمن السفارات. والأخير «أدّى واجبه» تجاه المحكمة الشرعية بعنصرين يحرسانها يومياً وبنحو دائم، فلماذا لم يكمله مع جارتها المدنية والجزائية، وكأن الأولى تشهد إقبالاً من المواطنين أكثر من الثانية؟. خصوصاً أن المبنى في الأساس يقع بمحاذاة الشارع الرئيسي في البلدة ومتعدد الاستعمالات وتحيط به مبان تجارية وسكنية من كل جانب. وعليه، فإن العنصر المتطوع يقف عند باب قاعة الجلسات، فيما تقتضي الحاجة أيضاً وجود عناصر أخرى تحرس قوس المحكمة ومداخلها في الوقت ذاته. سقوط المبنى الأمني وغياب الحماية ونقطة التفتيش على باب المحكمة المدنية، سمحا بوقوع خروقات كان آخرها دخول سيدة الى غرفة القلم بحجة الاطلاع من رئيسه على المحضر التنفيذي المحرر في قضية تخصها. وبينما كان رئيس القلم يطلعها على التقرير، انقضّت عليه وخطفته من بين يديه وهمت بالركض، مغادرة مقر المحكمة. واللافت أن حاجة جويا الحمائية تتزامن مع وعود وزير العدل شكيب قرطباوي المتكررة بزيادة الإجراءات الأمنية في قصور العدل والمحاكم، والعمل على تخفيف عناصر المواكبة للسياسيين لزيادة عدد العناصر المكلفة بحماية السجن والسجناء.