انقلب الحُلم حقيقة، فصدقت مقولة «الثالثة ثابتة». وأخيراً، أعلنت وزارة العدل نتائج مباراة المساعدين القضائيين التي أُلغيت لمرّتين متتاليتين، لكن الإعلان الذي نزل فرحاً غير مسبوق على منتظري النتائج لم يلبث أن تبدّد بعدما علم هؤلاء أنه لم يصر إلى اختيار المقبولين بعد. فراود معظمهم تشاؤم رفع منسوب القلق والتوتر على مصير النتائج المعلنة لديهم، أو بالأحرى على مصيرهم مخافة تطييرهم طائفياً. فكما يظهر من الجداول المعلنة، بحسب أحد المتقدمين، يظهر أن غالبية المتقدمين والناجحين من المسلمين.
هنا اعتقد هؤلاء أن ذلك كفيل بتطيير هذه الدورة كما سابقاتها. مخاوف هؤلاء نفاها مسؤول قضائي رفيع لـ «الأخبار»، لافتاً إلى أن إلغاء الدورة لم يعد ممكناً. فالعدليات «تصفّر» من قلة الموظفين، حالها كحال عشرات القضاة الذين باتوا يقومون بوظيفتهم ووظيفة الموظفين الغائبين. وكشف المسؤول المذكور أن أحد الإحصاءات السابقة كشف أن الشواغر في الملاك بلغت نحو 1400 موظف من أصل 1855 موظفاً. وعلى قاعدة «قليلٌ خير من الحرمان»، رأى المسؤول نفسه أن مجلس الوزراء سيمرر الدورة باعتبار أن جزءاً من هذا العدد من شأنه أن يحل جزءاً كبيراً من المشكلة، ولا سيما أنه يقترن بسياسة الترقيع التي تقوم على قاعدة «الكحل أحلى من العمى».
وفي اتصال مع «الأخبار»، أعرب وزير العدل شكيب قرطباوي عن تنفّسه الصعداء بعد الانتهاء من إنجاز النتائج، مشيراً إلى أن الذين سيجري اختيارهم سيخففون الكثير من الأعباء عن كاهل العدليات، وإذ أكد قرطباوي أن أعداد المقبولين لم تُحدد بعد، لفت إلى أن العدد المقبول، مهما يكن، فإنه سيُغطي أماكن شاغرة كثيرة في قصور العدل. وفي السياق نفسه، أعاد قرطباوي التأكيد على الشفافية المطلقة التي أُنجزت الامتحانات في ظلّها، لافتاً إلى أن «خطوة إعلان نتائج جميع المتقدمين، الناجحين منهم والراسبين، كانت خير دليل على إظهار هذه الشفافية». كذلك لفت قرطباوي إلى أن «إعلان النتائج بحسب ترتيب العلامات يُعزز هذه الشفافية، ويقطع الطريق أمام من يعتقد أن كل شيء بيتزبّط». وفي ما يتعلق بمعيار الاختيار، وهل سيكون طائفياً أم يعتمد الكفاءة؟ قال قرطباوي: «أنا أعلنت النتائج بحسب الترتيب، أما حسم هذه المسألة، فيعود إلى مجلس الوزراء».
أما بخصوص الأعداد التي سيجري قبولها في الوظيفة، فأشار الوزير قرطباوي إلى أن ذلك يُحدد في مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن دراسة تفصيلية ستجري لتحديد أرقام الشواغر في الملاك. ولفت إلى أنه سيملأ نحو خمسين في المئة من الأماكن الشاغرة، إلا أن الروتين الإداري الذي سيؤخر ذلك حتمية لا مناص منها.
يذكر أن المساعدين القضائيين يتوزعون بين رؤساء أقلام وكتبة ومباشرين. (رئيس القلم عادة ما يكون مجازاً، فيما يُفترض بالمباشر أن يكون ملمّاً بالكتابة والقراءة، ليتولى تبليغات موعد الجلسات والإنذارات والأحكام).
ويمكن الاطلاع على النتائج المنشورة عبر زيارة موقع وزارة العدل التالي: www.justice.gov.lb



كاتب أصيل

يعود تاريخ آخر دورة أُجريت لقبول موظفين في العدلية إلى عام 1996 عندما دخلت الدفعة الأخيرة من المباشرين القضائيين. أما آخر كاتب أصيل، فدخل قصر عدل بيروت عام 1994، علماً أن ضغوط الملفات القضائية آنذاك لا تقارن بما هي عليه اليوم. ومع تناقص شاغلي الوظائف، بفعل الزمن، تبادل الموظفون الأدوار في ما بينهم، إذ إن كل موظف بات يقوم بواجبات أكثر من وظيفة. فصار المباشر القضائي يكلف مهمّات كاتب إلى جانب مهماته، لكنه يتقاضى راتبه على أساس الوظيفة الأصلية فقط. وخلق ذلك مجموعة كبيرة من المباشرين المكلفين بمهمات الكتبة، الذين صاروا يطمحون إلى تثبيتهم في وظيفة كاتب، أسوة بنظرائهم الذين ثُبّتوا قبل نحو سنتين.