بدأ الموسم. نزلت ربات المنازل إلى «الكروم»، للملمة أوراقها النضرة قبل أن تكبر وتتخشب. ففي مثل هذه الأيام، يبدأ العمل في قطف «ورق العريش»، طمعاً بإعداد وجبة «طازة»، وتوفير صنف من أصناف مؤونة الشتاء. غير أن الحال لا تقتصر على هذا؛ فثمة من ينتظر هذا الموسم لكسب الرزق، وخصوصاً ربات الأسر الفقيرة، اللواتي يقضين نهاراتهن في جمع ما يتيسر من الورق لبيعه بالمفرق في الأسواق الشعبيّة أو التجوال به بين المنازل في شوارع المدن والبلدات الكبيرة. ولم يعد الأمر مقتصراً على هؤلاء؛ فالكثير من أصحاب الكروم يلجأون أيضاً إلى قطف الأوراق وبيعها.
وتكفي جولة على الكروم المنتشرة في سهل البقاع، لتأكيد ذلك. لكن، متى بدأت هذه «التجارة»؟ معظم من التقيناهم يجمعون على أن «هذه التجارة مستحدثة وطارئة على السوق الاستهلاكيّة في لبنان، وما لجوء البعض إلى بيع أوراق العنب بالجملة وبكميات كبيرة، سوى محاولة لتغطية تكاليف الإنتاج من حراثة وثمن أدوية ومبيدات وأجور عمال للتشحيل ومصاريف محروقات للريّ والتعويض عن الخسائر المتلاحقة التي لحقت بهم في السنوات العشر الأخيرة».
وبعيداً عن هموم العمل والخسائر، هناك من يطمع في مثل هذه الأيام بإعداد أطباق «ورق العنب وتموين شوي للشتا»، تقول ليلى الحلبي. السيدة التي دخلت أحد البساتين «بعد الطلب من صاحبها»، لجمع «كميات قليلة من أوراق الدوالي لإعداد أطباق ساخنة منها في مقبل الأيام، وتوفير مؤونة البيت منها، من خلال توضيبها ضمن أوعية زجاجيّة تبعاً للطرق الحديثة من دون إضافة مواد حافظة، أو وضعها في الثلاجة لطبخها في أيام الشتاء». وتشير الحلبي إلى أن طبخة ورق العريش هي «من الأطعمة المفضلة عند العائلات، ولا تكاد تخلو مائدة من أطباقها اللذيذة الطعم التي تقدم ساخنة محشوّة لفائفها بالأرز وخليط من اللحمة والتوابل وغيرها بحسب الرغبة، أو تُعَدّ كوجبات ومقبلات باردة».
في السياق، يجمع خبراء التغذيّة على أن ورق العنب يحتوي على نسب عالية من فيتامينات (ب 1 و 2 و6) المفيدة لسلامة الجهاز العصبي، وفيتامين (ج) الفعّال في زيادة مناعة الجسم وفيتامين (أ) الضروري لسلامة الجلد وإعادة بناء الأنسجة التالفة. وتتميز أوراق الدوالي أيضاً بأنها غنيّة بالأملاح المعدنية مثل البوتاسيوم والحديد والفوسفور، إضافة إلى معدن (البودون) الذي يساعد في زيادة هرمون الأستروجين لدى السيدات عند بلوغهن سن اليأس، ما يقلل من فرص الإصابة بترقق العظام.