كأن لم يكف أبناء بلدة الجرمق ما يخوضونه من «معارك» من أجل إعادة الهوية لقريتهم ومحاولة تحقيق عودة للمهجرين منذ أكثر من 35 عاماً، حتى أتى من أتى تحت جنح الظلام، ليعرّي أعمدة الكهرباء الواصلة إليها من ناحية كفررمان، على الطريق العام، وداخل الأحياء، من أسلاكها التي لم يبق لها من أثر. استغل السارقون والمعتدون فترة التقنين الكهربائي، وغياب معظم الأهالي، خلال أيام الأسبوع، عن الحي الوحيد المأهول والموجود في القرية، حي العرقوب، والمتألف من 29 بيتاً. يقول رئيس البلدية نبيل شديد: «قطع السارقون الخطوط المتوازية الثلاثة الممتدة من قرب نبع شقحة، شرق سهل الميذنة، حتى كنيسة مار مارون على طريق العيشية». وأوضح أن المعتدين «استغلوا وجود الأهالي خارج القرية، وجاؤوا على مدى ليلتين متتاليتين، ليل الأربعاء - الخميس وليل الخميس - الجمعة، وقطعوا ما يوازي مسافة 1800 متر من الأسلاك ولم يتركوا غير الأعمدة والفناجين».
بيوت الجرمق من دون كهرباء، وكذلك كنيستها ودار البلدية «لذلك نناشد المسؤولين كافة، وفي مقدمهم فخامة رئيس الجمهورية أن يعملوا فوراً على إعادة التيار الكهربائي إلى الجرمق، لأنه يكفينا مآس وتهجير ومعاناة، فأتى التعتيم ليزيد من محنة أبناء الجرمق، الذين يجاهدون منذ سنوات طويلة من أجل العودة إلى قريتهم التي بيعت أرضها لغيرهم في فترة غيابهم القسري، وعادوا بعد التحرير ليبحثوا عن أراض من أجل بناء بيوت تمكنهم من العودة إليها».
وقدّم شديد شكوى ضد مجهولين أقدموا على سرقة تمديدات الكهرباء؛ وأجرى اتصالات مع المسؤولين في شركة كهرباء لبنان في النبطية، إذ إن الجرمق تتبع إدارياً لمنطقة جزين، بيد أنها زودت أخيراً بالتيار الكهربائي من ناحية النبطية، بعدما كان التيار يصل إليها من منطقة جزين، عبر الريحان والعيشية.
يشار إلى أن خطوط الكهرباء الواصلة إلى الجرمق تمتد على طريق رئيس يوصل بين منطقة النبطية ومنطقة جبل الريحان. وتعبر هذا الطريق الشاحنات الناقلة للبحص والرمول من دون انقطاع طوال الليل والنهار؛ لذلك يستغرب رئيس البلدية «كيف تمّ هذا الأمر وعلى مدى ليلتين متتاليتين من دون تدخل كثير من الجهات التي يجب أن تكون ساهرة على أمن الناس وممتلكاتهم».