«نعمل على أن يكون موسم الاصطياف هذه السنة أفضل ممّا كان عليه السنة الماضية». بهذه العبارة، يعبّر رئيس بلدية بقاعصفرين ـــــ الضنية منير كنج عن أمله في أن «تجني» البلدة مردوداً جيداً من موسم الاصطياف هذه السنة، بعدما تعرّض لنكسة غير مسبوقة العام الماضي، «الذي كان أسوأ موسم اصطياف فيها منذ سنوات»، يقول. العام الفائت، كانت النكسة كبيرة في بقاعصفرين. تعرضت «عروس مصايف الضنية» لخسائر كبيرة في موسم الاصطياف، نتيجة الانقطاع المتكرّر للكهرباء عنها، الذي تسببت به أعطال طرأت على الشبكة وتأخر إصلاحها حتى نهاية الموسم. وكان من نتائج ذلك عزوف المصطافين عنها، والبحث عن بدائل أخرى. أما من قصدها قبل الأزمة، فقد حزم أمتعته وغادرها في «عزّ» الموسم.
أما هذه السنة، فيحدو الأمل أهالي البلدة وأصحاب المصالح فيها، من مطاعم وشقق ومحال تجارية وأمكنة ترفيه وغيرها، بتعويض ما فاتهم العام الماضي، وعودة بقاعصفرين إلى سابق عهدها، قبلة للمصطافين الآتين من داخل لبنان وخارجه. تباشير هذه العودة بدأت فعلاً هذه السنة، إذ إن بقاعصفرين «تشهد منذ مطلع شهر أيار الجاري ازدحاماً لافتاً في شوارعها يومي السبت والأحد من كل أسبوع، نتيجة وجود المصطافين فيها»، يقول كنج. ويشير إلى أن «أغلبهم جاء، إما لتفقد منزله الذي يملكه أو يستأجره، أو أنه يبحث عن بيت ليقضي فيه عطلته الصيفية».
كنج الذي يتوقع أن «يبدأ توافد المصطافين إلى البلدة، وهم بأغلبيتهم طرابلسيون، بعد منتصف حزيران المقبل، أي بعد انتهاء العام الدراسي»، يلفت إلى أن «أكثر من 85% من الشقق المعروضة للإيجار في البلدة قد جرى تأجيرها، موسمياً أو سنوياً». ويشير إلى أن «أكثر من 100 شقة أضيفت هذا العام إلى الشقق الموجودة في البلدة، التي يناهز عددها 3 آلاف شقة، كما أن المشاريع العمرانية لم تتوقف أبداً».
لا تعود أسباب الإقبال «المُسبق» للمصطافين على بقاعصفرين، إلى مناخها الجميل فقط، أو إلى طبيعتها الجبلية التي تتسم بتوافر المياه والخضرة، بل إلى 3 عوامل يراها كنج بنظره «أساسية». العامل الأول هو «تحسّن وضع التيار الكهربائي وانخفاض ساعات التقنين»، وخصوصاً بعد مناشدة المسؤولين في وزارة الطاقة «تأمين الكهرباء للبلدة أطول فترة ممكنة، لأنها مصنّفة منطقة اصطياف». أما العامل الثاني، فهو الأحداث الأمنية التي شهدتها طرابلس مؤخراً، وهو تطور دفع أهالي المدينة الذين يعتبرون الضنية، وعلى رأسها بقاعصفرين، مصيفهم الطبيعي تاريخياً، إلى اللجوء إليها على اعتبارها «مكاناً آمناً وقريباً، وهو أمر استفادت منه بقاعصفرين والضنية نتيجة إقبال الطرابلسيين باكراً على اسئتجار بيوت فيها». الثالث والمهم أيضاً هو بدء بعض المستثمرين تنفيذ مشاريع سياحية في البلدة، مثل المطاعم والمقاهي وغيرها. وفي هذا السياق يوضح كنج أن «مطعماً جديداً ينتظر أن يفتح أبوابه في البلدة هذا العام، ليضاف إلى المطاعم الأخرى الموجودة فيها».
إلى جانب ذلك، تعدّ البلدة مقصداً لهواة السياحة البيئية، كالمشي والتنزّه وإقامة المخيمات الكشفية والترفيهية، إذ تتميّز باتساع نطاقها الجغرافي الذي يمتد إلى مناطق جبل الأربعين وجرد النجاص وصولاً إلى القرنة السوداء، أعلى قمة في الشرق الأوسط، التي تقع إدارياً ضمن نطاقها الجغرافي. هذه الميزة دفعت مستثمرين خليجيين يزورون البلدة سنوياً، إلى طرحهم، حسب كنج، «إقامة مشاريع سياحية فيها تنسجم مع واقعها، تتمثل في إنشاء ممرات واستراحات في نطاق البلدة الجغرافي، تسهم في جذب المصطافين من هذا النوع إلى المنطقة». ولهذه الغاية، يسعى كنج بكل جهده إلى تزفيت الطريق الترابية المؤدية إلى منطقة جرد النجاص، في أعالي البلدة، التي بدأ المصطافون يرتادونها، بعدما وصل التيار الكهربائي إليها العام الماضي. كما شهدت قيام مطاعم ومتنزهات على تخوم غابات الأرز والشوح فيها، مجاورين أكثر من 500 عائلة تعمل في زراعة المنطقة صيفاً.