في عام ٢٠٠٧ اتخذت إدارة جورج بوش قراراً بدعم تحويل مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالذرة إلى إنتاج الوقود الحيوي (الإثانول) بدلاً من إنتاج الغذاء والأعلاف. تزامن هذا القرار مع انخفاض في محاصيل الحبوب في بعض البلدان المصدرة مثل أوستراليا، نتيجة سنوات متتالية من القحط. ارتفع الطلب على الأغذية الأساسية كالقمح والذرة، وتبعتها أسعار الأرز والسكر والزيت النباتي والأعلاف. هرع المستثمرون والمضاربون لانتهاز هذه الفرصة الذهبية لتحقيق الأرباح، ورفعوا أسعار السلع إلى أرقام قياسية زادت في بعض الأحيان على ٣٠٠٪. انتفضت الشوارع في أكثر مدن العالم الفقير. تصدت لها قوى القمع، وسقط ضحايا. تدخلت الحكومات لتدعم السلع الأساسية، لكن الجنّي كان قد خرج من القمقم، وخصوصاً في البلدان العربية التي تستورد أكثر مما تستهلك من غذاء، وكانت شعلة الثورة التي نمت من غضب الناس وامتدت من بلد إلى آخر، ومن قارة إلى أخرى.
في هذه الأحيان، تحسن الإنتاج في البلدان المصدرة للغذاء، وانخفضت الأسعار شيئاً ما، واستقر الوضع مرحلياً. إلا أن هناك مؤشرات تدل على أننا قد نكون على أبواب أزمة غذائية عالمية جديدة ناتجة من انخفاض في إنتاج الذرة والصويا في الولايات المتحدة جراء الجفاف الذي سيطر على أهم سهولها الزراعية. وكما في عام 2008، كشّر المضاربون عن أنيابهم ورفعوا الأسعار العالمية للذرة والصويا، وتبعتها أسعار السلع الأخرى من حبوب وحليب ولحوم. قريباً، تصل هذه الاهتزازات إلى الوطن العربي، حيث زال الربيع وهبّت رياح الصيف الحارقة على الأراضي البائسة. قد لا تتأثر بلدان النفط القادرة على شراء مَن وما تريد، لكن ماذا عن سوريا الجريحة التي جرفت الحرب حقولها وأفرغت أريافها؟