في اليوم ما قبل الأخير من نهاية العام المنصرم، عقد رئيس بلدية طرابلس نادر غزال مؤتمراً صحافياً في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي (قصر نوفل سابقاً)، عرض فيه حسب بيان الدعوة الموجّهة إلى الصحافيين «الإنجازات التي تحقّقت خلال الأشهر الستة الماضية»، وهي المدة التي مضت على بدء تسلّمه مهمّاته.من جهة الشكل، يعدّ إقدام رئيس بلدية أو أيّ مسؤول آخر على إعلان الإنجازات التي حققها خلال فترة زمنية قصيرة هي ستة أشهر، أمراً لافتاً للانتباه؛ إذ جرت العادة أن يُكشف عن تلك الإنجازات بعد مرور سنة، أو في منتصف الولاية، أو نهايتها، إلّا أنّ الضغوط والانتقادات العديدة التي تعرّض لها غزال منذ الأيام الأولى لتسلّمه رئاسة البلدية، دفعته إلى استعجال الأمر بعد ظهور بوادر عدم رضى عليه داخل المجلس البلدي وخارجه.
في الشكل أيضاً، أتى المؤتمر الصحافي ليدل بوضوح إلى المأزق الذي يعانيه غزال داخل المجلس البلدي، والذي تمثّل في غياب أعضاء مجموعة الـ17 عن المؤتمر، وهم الأعضاء الذين يقفون في وجهه داخل المجلس ويعارضونه، إلى درجة أنّ بعضهم لم يعرف بأمر المؤتمر إلا لاحقاً، مع تسجيل مفارقة أنهم ينتمون إلى جميع التيارات السياسية، بما فيها تيار المستقبل، الذي يُحسب غزال عليه. وهذا ما أكد أن «أزمة الثقة» القائمة بين غزال وأعضاء البلدية، ومن ورائهم القوى السياسية المحسوبون عليها، لا تزال حاضرة، علماً أنّ غزال أكد، في ردّه على سؤال عن وجود خلافات بينه وبين الأعضاء والقوى السياسية في المدينة ونوابها، أن «الاختلاف في الآراء لا يعني الخلاف، بل يسهم في تعزيز الديموقراطية والعمل البلدي»، وشدّد على أن «العلاقة مع زعماء طرابلس ووزرائها ونوابها السابقين والحاليين ممتازة جداً، بعكس ما يشاع في وسائل الإعلام».
غزال عرض في مؤتمره عدداً من الإنجازات التي تحققت، مثل غرس 500 شجرة زفير في شوارع المدينة، إعادة تأهيل حديقة التل، معالجة موضوع ازدحام السير عند طلعة الرفاعية، وتأهيل أرصفة، والتعاقد مع معظم مستشفيات المدينة، إضافةً إلى مستشفى المقاصد في بيروت، بهدف التغطية الصحية للموظفين والعاملين في البلدية، وغيرها من الأمور، إضافةً إلى تطرّقه إلى بعض المشاريع المستقبلية التي تنوي البلدية إنجازها في القريب العاجل.
لكن هذه الإنجازات لم تكن تستدعي من غزال عقد مؤتمر صحافي لعرضها، إذ إنها «جزئيات وتفاصيل صغيرة»، حسب ما وصفها بعض أعضاء البلدية لـ«الأخبار»، الذين رأوا أنّ «إعلان غزال تحقيقه وفراً مالياً في نهاية السنة الماضية بلغ 12 ملياراً و800 مليون ليرة، مقارنةً بالوفر المالي الذي تحقق نهاية عام 2009، والذي بلغ 300 مليون ليرة فقط، هو الغاية الرئيسية من مؤتمره، إضافةً إلى دفاعه عن نفسه في وجه الحملة التي شُنّت عليه في الإعلام وعلى منابر المساجد، بسبب موافقته على نشر كتيّب أثار اعتراضات كثيرة على مضمونه».
هذا الفارق الكبير في الوفرين الماليّين في صندوق البلدية خلال سنتين فقط يقرأه بعض أعضاء البلدية من وجهتَي نظر مختلفتين. الأولى داعمة لغزال وترى أنّ ما حقّقه يعدّ «إنجازاً نوعياً، إذ إنه أوقف مزاريب الهدر والفساد، وأحدث تحسيناً في أداء الأجهزة التنفيذية في البلدية، من موظفين وشرطة وعمال، وعلى الجميع إعطاؤه فرصته كاملة قبل أن توضع العراقيل في وجهه».
أما وجهة النظر الأخرى، المناوئة لغزال، فتقول إنه «لم يحقق أيّ وفر مالي يستحق الذكر، لأنّ الأموال الموجودة في البلدية حالياً هي أموال كانت مستحقة للبلدية لدى الصندوق البلدي المستقل، وأنّ وزارة الداخلية والبلديات جمّدت جميع أموال البلديات في لبنان العام الماضي بسبب الانتخابات البلدية، فضلاً عن أموال مستحقة ومتراكمة للبلدية من السنوات الماضية، وأنه أُفرج عن كميات كبيرة من هذه الأموال أخيراً، ما يعني أنّ الأمر ليس أكثر من تدفق نقدي لا تحقيق وفر مالي يتعلق بالمصاريف والواردات داخل البلدية».