كشفت الاستقالة الجماعية لأكثرية الأعضاء في بلدية أرده عن خلافات حادة كانت تدور في الخفاء، بين أكثرية الأعضاء من جهة وبين رئيس البلدية بدوان التوني من جهة أخرى، إذ كان أعضاء البلدية يتخبطون في المشاكل والخلافات المتراكمة عند كل جلسة، إن عُقدت. ولم تنجح محاولات الجهة السياسية الداعمة (تيار المردة وحلفاؤه) لجمع الأعضاء المتخاصمين، على الأقل إنمائياً تحت شعار أن «مصالح الناس والبلدة قبل خلافاتكم»، ما أدى الى تفاقم الوضع، وبالتالي إلى حتمية الاستقالة، بحيث تصبح بلدية أرده بحكم المنحلّة ما لم يصر إلى التراجع عن تلك الاستقالات ضمن المهل التي يحددها القانون.بلدية أرده من كبرى البلديات في قضاء زغرتا. وهي من البلديات المركبة، إذ تضمّ أربع بلدات هي: أرده، حرف أرده، بيت عوكر، وبيت عبيد. ويتألف مجلسها البلدي من 15 عضواً مقسمين عرفاً بين هذه البلدات: أرده، 9 أعضاء استقال منهم ثلاثة هم فرنسوا لطوف، لودي المختفي، مارك نعوم. حرف أرده، 4 أعضاء استقالوا جميعاً وهم: ميشال سعد (نائب الرئيس)، عبود فضل الله، باخوس بو فرنسيس، وجوزيف عساف. بيت عوكر، عضو واحد استقال وهو حبيب عبيد.
إقامة برج سياحي في أحد أحياء تلة أرده الأثرية، كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وأظهرت إلى العلن الخلافات القائمة بين أكثرية الأعضاء والرئيس. فقد اختلف الأعضاء على قانونية إقامة البرج ومنفعته، ما أدى إلى تأزّم الوضع واستقالة أكثرية الأعضاء، وهذا يعني عملياً حلّ البلدية. وعزا بعض الأعضاء المستقيلين سبب الاستقالات إلى «عدم تجاوب الرئيس معهم، وتفرّده بإصدار قرارات معظمها غير قانوني».
منذ انتخاب بدوان التوني في 17 حزيران من العام المنصرم رئيسا لبلدية أرده، والمشاكل القانونية والإدارية لم تهدأ فيها. ولا يكاد يمرّ يوم واحد من دون أن يزور أحد أعضاء البلدية دوائر قائمقامية زغرتا، بسبب الشكاوى المتبادلة بين الرئيس وأكثرية الأعضاء، حتى أصبح الملف يضم عشرات الأوراق والشكاوى.
يتأبط عضو بلدية أرده المستقيل فرنسوا لطوف الملف الضخم تحت ذراعه، يدخل به قائمقامية زغرتا متنقلاً بين المكاتب، يسجل اعتراضاً تلو اعتراض، ويقول: «الخلاف الحاصل في البلدية سببه البرج السياحي المفترض إقامته في تلة أرده». يبحث بين الأوراق عن نص اعتراض سجلته أكثرية الأعضاء، «لا قرار في البلدية الحالية ولا السابقة لإنشاء البرج، ما يجري هو محاولة تهريب لإنشائه في ظلّ اعتراض كبير من الأهالي». يضيف «يتهموننا بالتعطيل، ونحن نؤكد أنه لم يطرح خلال الجلسات السابقة أي موضوع إنمائي لإحدى البلدات الأربع ورفضناه». وكان آخر ما قدمه لطوف في قلم قائمقامية زغرتا، اعتراض بوجه رئيس البلدية على عقده جلسة غير قانونية نهاية هذا العام «فالجلسة لم تحضرها أكثرية الأعضاء، وقد حدد الرئيس جلسة ثانية في أقلّ من 24 ساعة من دون أن يبلغ الأعضاء بها، وهو أمر مخالف للقانون».
أكثر من سؤال طرحته هذه الاستقالة عن مصير البلدية التي جعلتها في حكم المنحلة، خصوصاً إذا كانت جدية ولم يُتراجع عنها لاحقاً، كما حصل منذ أسبوعين تقريباً عندما استقال رئيس البلدية بدوان التوني ثم عاد عن استقالته.
يذكر أن بلدية أرده هي البلدية الوحيدة بين بلديات القضاء التي لم تحرك ساكناً منذ انتخاب مجلسها البلدي في 17 حزيران 2010، إذ عطلت الخلافات التي نشأت بين أعضائها منذ انتخابهم، عجلة الإنماء لمدة تزيد على 6 اشهر، اقتصرت الأعمال فيها على جمع النفايات ودفع رواتب الموظفين، في وقت كان فيه الأهالي يأملون خيراً من «مجلس بلدي جديد يعمل على إنماء البلدات التي تضمّها البلدية، والتي تحتاج الى الكثير من الأعمال». ميشال سعد، نائب رئيس البلدية المستقيل أشار إلى «أن هذه الاستقالة الجماعية غير موجهة ضد أحد، وهي جاءت على خلفية إنمائية داخل البلدية، ولن تؤثر على العلاقة السياسية المتينة مع تيار المردة».