القلق المسيطر تخوّفاً من تطورات سياسية «ذات ارتدادات» أمنيّة وفق التعبير الشائع، تطغى على المشهد اللبناني، وتغطي بكثافة دخانها أسئلة ملحّة عن مصير مواطنين لبنانيين اختفوا عن الأنظار في الفترة الأخيرة. المقصود بهؤلاء الصيادون الثلاثة الذين اختفوا عند شاطئ الشمال منذ ما يزيد على ثلاثة أسابيع، إضافة إلى عجوز جنوبي تعرض لعملية خطف على أيدي مسلحين دخلوا إلى منزله في وضح النهار وضربوا زوجته وكبّلوها، ثم أجبروه على الرحيل معهم. التحقيقات في هاتين القضيتين، لا تلفتان إلى أي جديد، والأسئلة عن مصير هؤلاء المختفين لا تزال دون أجوبة.
ثمة قضية أخرى أثارت قلقاً كبيراً، وهي قضية الشاب و. خ. الذي اختفى لأقل من يومين، لكن هذه القضية تخرج عن مشهد القصتين السابقتين، أولاً من خلال عودة الشاب إلى ذويه، وثانياً من خلال التحقيقات المكثفة حول عملية اختفائه، ولا تزال التحقيقات مستمرة في مفرزة زحلة القضائيّة، بالتنسيق مع القضاء المختص، لكشف ملابسات خطف الطالب و. خ. الاثنين الماضي، من أمام جامعة (AUST) في الكرك (نقولا أبو رجيلي)، (22 عاماً)، إذ إن والده ج. خ. تقدّم ببلاغ الى القوى الأمنيّة ادّعى فيه بأنّ ولده تعرض للخطف على أيدي أشخاص مجهولين، بعثوا إليه برسالة على هاتفه النقّال، مصدرها هاتف ولده الخلوي، يطالبونه فيها بدفع فدية قدرها 50 ألف دولار لقاء الإفراج عن الابن. أول من أمس، عاد و. خ. إلى ذويه، لكنه كان يعاني أزمة عصبيّة استدعت نقله الى المستشفى لتلقي العلاج.
مسؤول قضائي في قصر عدل زحلة أوضح لـ«الأخبار»، أنه بالتحقيق الأولي مع الطالب المذكور، ظهرت دلائل تشير الى أنه كان قد تعرض بالفعل لعمليّة خطف من قبل أشخاص، يجري العمل حالياً على التثبت من هويتهم ومدى ضلوعهم في القضيّة، رافضاً الدخول في تفاصيل إضافيّة، حفاظاً على سريّة التحقيق ومجرياته، مع الإشارة الى أن شيوع خبر عملية الخطف وعدم كشف ملابساتها، كانا قد أثار حالة من البلبلة والهلع في نفوس أهالي التلامذة في جميع المؤسسات التربويّة في البقاع، وذلك في ظل أجواء أمنيّة غير مستقرة، تترافق مع الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان على الصعيد
العام.

العجوز المختفي

في تبنين، لم تحمل أي جهة أمنية خبراً يريح ذوي العجوز العبد علي عون الذي أُخذ من منزله في بلدة تبنين ــ قضاء بنت جبيل (داني الأمين). لا جديد حتى الآن في القضية، رغم أنه مخطوف منذ خمسة عشر يوماً. لا تزال أسرة عون تنتظر أي خبر، سواء من الخاطفين أنفسهم أو من القوى الأمنية، التي بحسب قولهم «لم تفعل لهم شيئاً حتى الآن، سوى ما يقوم به الجيش اللبناني من مداهمات لمنازل الخاطفين، الذين لا أثر لهم في البلدة التي ينتمون إليها». يقول مصطفى، ابن المخطوف عون «نحن وأقرباء لنا نتصل يومياً بالقوى الأمنية وببعض المسؤولين الحزبيين في المنطقة التي ينتمي إليها الخاطفون، والتي من المفترض أن يكون والدي فيها، لكن الجميع يقولون لنا إنه لا جديد حتى الآن».
يذكر أن أحد المقرّبين من زوجة ابن المخطوف، الذي يدّعي الخاطفون أنه استدان منهم مبلغاً مالياً كبيراً ولم يسدده لهم، هو الذي يتواصل مع الخاطفين عبر وسيط مقرّب من الخاطفين، وأكد أن الخاطفين لا يزالون يصرّون على الحصول على المال لإعادة المخطوف عون.

الصيّادون... مصير مجهول

تراجعت وتيرة البحث عن مصير الصيادين المفقودين: هيثم السلوم وابنه ومسعود البرسيم بعد مرور ثلاثة أسابيع على فقدانهم قبالة شاطئ العريضة (روبير عبد الله). فاقتصرت عمليات البحث على دوريات محدودة يجريها زورق مطاطي تابع لوحدة الإنقاذ البحري في منطقة العبدة. وهذا ما يثير استغراب الأهالي، وخصوصاً أن معطيات ينقلها زهير السلوم شقيق هيثم، نقلاً عن قناة العالم التي عرضت مشهداً غداة اختفاء الصيادين الثلاثة يظهر دورية بحرية إسرائيلية تعتقل ثلاثة أشخاص في عرض البحر وتغرق مركبهم. ويضيف السلوم إنه بمرور الأيام كان لا بد من ظهور آثار للجثث لو كان الصيادون قد غرقوا. ويصبّ السلوم غضبه على ما يراه تقصيراً فاضحاً من جانب المسؤولين في الدولة اللبنانية، ويقول إنه لولا قيام أهالي المنطقة بقطع الطرقات لما أرسلت لنا طوافة عسكرية للمشاركة في عملية البحث، وقد طالب بتكثيف المتابعة وعدم الاكتفاء بمحضر عادي من مخفر العريضة التابع لقوى الأمن الداخلي، فالقضية تستوجب استنفاراً واسعاً، وخطوات على صعيد الدول القريبة والبعيدة. يجدر التذكير أنه عند الساعة 11 قبل ظهر الثلاثاء 28 كانون الأول الماضي، أُبلغ عن فقدان الصيادين الذين كانوا قد خرجوا فجراً إلى البحر على متن قارب صيد قبالة شاطئ العريضة في الشمال (قضاء عكار). في اليوم الأول للاختفاء ظلت، حتى ساعات المساء الأولى، عمليات البحث عنهم مستمرة، وخاصة عمليات البحث التي ينفذها الجيش، من دون العثور عليهم. استمرت عمليات البحث في الأيام التالية، وحتى أمس كان اللاجواب هو الرد على التساؤلات عن مصير الرجال الثلاثة.
في الفترة التي تلت غياب الصيادين، دار الحديث عن احتمالات عديدة للاختفاء، منها أن يكون القارب قد غرق في البحر، وهو عبارة عن زورق صغير، وإما أن يكون القارب قد دخل المياه الإقليمية السورية واعتُقلوا هناك. لكنّ مسؤولاً أمنياً تحدث لـ«الأخبار»، نفى الفرضية الثانية، وأكد أن عمليات التنسيق مع الجهات السورية قائمة ولم يُبلّغ عن وجود الصيادين أو العثور عليهم، ثم كثر الحديث عن احتمال ثالث، وهو تعرض الصيادين لعملية خطف بواسطة زورق إسرائيلي.
غياب أيّ خبر عن مصير الصيادين الثلاثة يثير القلق في العريضة، وكان الأهالي قد نظّموا تحركاً في الساعات التي تلت شيوع خبر اختفاء الصيادين، فقطعوا الطريق الدولية التي تربط لبنان بسوريا عند نقطة العريضة، مطالبين الأجهزة الأمنية بـ«الاستعانة بطوافة عسكرية لتكثيف البحث عن الصيادين الثلاثة الذين فقدوا أمس، وخصوصاً بعد إجراء اتصالات بسوريا لمعرفة ما إذا كانت الرياح قد قذفت مركبهم إلى الشاطئ السوري. إلا أن الجانب السوري أبلغ أن «لا معلومات لديه عن الموضوع».
(الأخبار)


خطف عمّال سودانيّين من البترون

أقدم مجهولون يوم الخميس الماضي على خطف ثلاثة عمّال سودانيّين يعملون في البترون، عاد منهم عامل، فيما لا يزال اثنان مخطوفين.
وفي التفاصيل أنّ كلاً من خير الله علي، عجيلي الفاضل موسى ومحمود مصطفى الدود خطفوا من مدينة البترون حيث يعملون، بعدما أقلّهم أحد الأشخاص على أساس أنّهم سيعملون مؤقّتاً لديه. ومنذ ذلك الحين، يعمد المدعو فادي خالد العلي (غير معروف الجنسيّة) الى الاتّصال بالشاب المدعو نور الدايم الضوّ خير الله علي، وهو سوداني يعمل في مدينة جبيل، وقد طلب منه فدية قدرها 5 آلاف دولار، مقابل ترك المخطوفين خير الله علي وعجيلي الفاضل موسى. ويقوم نور الدايم الضوّ خير الله علي بتحويل الأموال بواسطة الـWestern Union الى الشخص المذكور، وقد حوّل حتّى الآن مبلغ 2200 دولار من أصل 5 آلاف.
أمّا المخطوف الثالث محمود مصطفى الدود، فقد أفرج عنه بعدما تولّى شقيقه دفع مبلغ 2000 دولار للشخص عينه. وحسب رواية الدود، فهو لا يعرف المكان الذي كان موجوداً فيه مع المخطوفين الآخرين.
التحقيقات جارية لمعرفة المكان الذي حوّلت إليه الأموال تمهيداً لكشف هويّة الخاطفين والإفراج عن المخطوفين.