بعد إحالة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي غالب غانم إلى التقاعد، نهاية العام الماضي، لا يبدو أن عجلة المجلس قد توقفت، فها هي الجلسات تعقد بانتظام برئاسة نائب الرئيس القاضي سعيدا ميرزا، وهو في الوقت نفسه المدّعي العام لدى محكمة التمييز. الجلسة الأخيرة كانت أمس بحضور الأعضاء من القضاة، حيث بُحثت شؤون قضائية عدّة، لم تتعدّ كونها «شؤوناً داخلية» على حد تعبير مسؤول قضائي رفيع. وعلى عكس الحكومة المستقيلة حالياً، التي لا يمكن وزراءها ممارسة صلاحياتهم «إلا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال»، فإن مجلس القضاء الأعلى يمارس صلاحياته كاملة وبلا انقطاع، وقد وافق خلال الأسبوع الماضي على طلب لوزير العدل ابراهيم نجّار باختيار قضاة متدرجين، ولذلك «لا يمكن أن يتأثر القضاء نظرياً بشؤون الحكومة والسياسة، فهو مرفق عام وسلطة مستقلة» يضيف المسؤول القضائي.وعن الموضوع الذي يشغل بال كثير من اللبنانيين هذه الأيام، أي القرار الاتهامي الذي صدر عن «المحكمة الخاصة بلبنان»، يبدي المسؤول القضائي الرفيع أسفه لناحية تحوّل القضاء اللبناني في هذه القضية إلى «صندوق بريد» وتحوّل القضاة اللبنانيين المعنيين إلى «بوسطجية». يضحك ساخراً، ثم يوضح أنه إذا تضمن القرار أسماء لمواطنين لبنانيين مقيمين على الأراضي اللبنانية، فعندها يمكن أن يُرسل الطلب إلى النيابة العامة التمييزية بإحضارهم، لكن «ليس بالضرورة أن يطلب من النيابة العامة التميزية إحضار أحد إذا لم يكن مقيماً في لبنان، حتى لو كان مواطناً لبنانياً، فنبحث عن المتهم ونقصد عنوانه، وفي حال عدم العثور عليه نبلغ المحكمة أننا لم نجده، هذا دور القضاء اللبناني فقط في هذه القضية».
إلى ذلك، وبالحديث عن الشؤون القضائية، تردد أمس أن بعض القضاة قد تنادوا إلى لقاءات في قصر العدل ـــــ بيروت، وتمنّوا تأجيل الاحتفال الذي سيقام تكريماً للرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى القاضي غالب غانم في 21 من الشهر الجاري في فندق «الحبتور ـــــ سن الفيل»، وذلك بسبب تخوفهم من الوضع السياسي الراهن. استغرب القاضي غانم هذا الأمر، وأكّد في حديث مع «الأخبار» أنه على حد علمه ما زال موعد الاحتفال قائماً. كذلك أكّد أحد المنظمين للاحتفال أن لا شيء يستدعي إلغاء الاحتفال أو تأجيله، فهو في نهاية الأمر «ليس احتفالاً ضخماً أو شيئاً يستدعي التوقف عنده، لكن بكل الأحوال فإن الموعد ما زال قائماً».