بعدما تناولت «الأخبار» تحوّل لبنان الى مسرح قضائي لخلافات العائلية الملكية السعودية، استُنفرت الأجهزة الأمنية والقضائية والسياسية داخل العائلة المالكة في الرياض لمتابعة تفاصيل القضية، التي دخل على خطها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، إذ أوعز إلى من يعنيهم الأمر بوضع حد لـ«إهانات» يتعرض لها أفراد من الأسرة الملكية خارج المملكة.
علمت «الأخبار» من مصادر سعودية أن وزارة العدل السعودي ألّفت لجنة متابعة للتحقيق في الملف الذي أثارته جريدة «الأخبار»، وما تبعه من بيان أصدرته الأميرة سارة بنت طلال بن عبد العزيز، التي تواجه شقيقها الأمير تركي قضائياً بتهمة التزوير واستخدام النفوذ. في معلومات لـ«الأخبار» أنّ قاضي العائلة الملكية القاضي أحمد العريني بدأ بالتحرك نحو وزير العدل السعودي محمد العيسى «لإيجاد مخرج»، وأن الأمير تركي بن طلال «كان يرافقه مقدماً تفاصيل عن أسباب خروج الخلاف العائلي إلى خارج المملكة».
حصلت «الأخبار» على رسالة موجهة إلى وزير العدل السعودي تشرح أسباب خروج الخلاف القضائي بين أفراد من العائلة الملكية من يد القضاء السعودي إلى القضاء في لبنان ومصر وسويسرا. في الرسالة أن الأميرة سارة بنت طلال «يئست» من استقلال حكم قاضي العائلة الشيخ أحمد العريني، ومن صدقيّته، وأن قاضي العائلة الحاكمة يخالف كل مبادئ الشريعة الإسلامية، وأنّه «قاض خرق الشريعة الإسلامية في مهدها دون محاسب»، وأنه تحول الى خصم للملك (عبد الله بن عبد العزيز) وسخّر سلطته لمصلحة متنفّذين في العائلة، وأنّ مجلس القضاء الأعلى في المملكة «لم يحرّك ساكناً». وتتهم الرسالة قاضي مجلس العائلة العريني بأنه «تمادى في إصدار إفادات وقرارات قضائية متعددة غير نظامية». وتضيف الرسالة إنّ قاضي العائلة الملكية يسعى إلى «التماس المخارج من وزارة العدل (السعودية)، حيث ترتّب على عدم حكمته «أكثر من 17دعوى وقضية حتى الآن في عدد من المحاكم في لبنان ومصر وسويسرا».
توجّه أفراد من العائلة الملكية السعودية نحو دول أخرى لبتّ النزاعات والخلافات في ما بينهم، فتح الباب أمام استخدام النفوذ السعودي خارج أسوار المملكة، حيث يعمل أمراء على تشويه العمل القضائي، الديني والمدني، في أكثر من دولة عربية، ولا سيما في لبنان ومصر. وقالت معلومات متوافرة لـ«الأخبار» إنّ القضاء الشرعي اللبناني يتعرّض لضغوط من جانب متنفّذين في الأسرة الملكية السعودية «لإبطال حصر إرث شرعي، بالتالي فإن استخدام النفوذ السعودي وصل إلى حد الضغط سياسياً على قضاة شرعيين في لبنان»، وإن القضاء المدني الذي ينظر في الخلاف العائلي بين الأمير تركي وشقيقته الأميرة سارة «لم يكترث كثيراً لبعض الضغوط التي تعرض لها». وتضيف المعلومات إنّ هناك سلسلة من الدعاوى سترفع ضد «قضاة شرعيين في لبنان أقدموا على ارتكاب مخالفات تمس بالشريعة الإسلامية»، وإنّ هناك مستنداً مدعى به أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت، ومقدماً لدى محكمة الاستئناف الشرعية العليا لإبطال حصر إرث شرعي صادر عن محكمة جدّة العامة، علماً بأنّ من له صلاحية إبطال حصر إرث أو تعديله هو المحكمة التي أصدرته، وأن «قضاة شرعيين في لبنان خالفوا كل الأعراف الإسلامية».
كان القضاء اللبناني قد نظر، أمس، في الخلاف بين الأمير السعودي تركي بن طلال وشقيقته الأميرة سارة، وأرسل قاضي التحقيق الأول في بيروت الدفوع الشكلية التي قدمها محامي الأميرة سارة ضد الدفوع الشكلية المقدمة من محامي الأمير تركي إلى النيابة العامة لإبداء الرأي، وماذا إذا كان القضاء اللبناني يحق له النظر في قضية الخلاف بين الأميرة وشقيقها الأمير بجرم التزوير واستعمال المزور.


الأمير طلال: تركي تصرف وفق الشرع

تنشر «الأخبار» رسالة الأمير طلال عبد العزيز، وفيها: «لتوضيح الحقائق، فإننا نؤكّد الآتي:
أولاً: إنه منذ أشهر عدّة مضت، جرى الاتفاق قضاءً على أن تتخارج الابنة سارة بكامل حصتها في تركة مورثتها بعدما وافق أخواها على زيادة حصتها عما هو مقرر لها شرعاً، وسلّم كل ما اختصّت به إلى الجهة المعنية بذلك، علماً بأن أخويها قد اختصّا وحدهما بالعقارات الموجودة بلبنان من ضمن ما اختصّا به.
ثانياً: وهذا يعني أنه ليس هناك أي إنكار لحقّها الشرعي في تركة مورثتها أو تزوير في الوقائع من أخيها أو القضاء أو أي جهة أخرى كما تقول. ثالثاً: إن القضاء في المملكة لم يقم إلا بما يوجبه عليه الشرع الحنيف، حيث حكم للجميع بما هو مفروض لهم شرعاً وقد قنع الجميع به، وأصبح الحكم بذلك نهائياً. ونحن إذ نوضح هذا لنؤكد أن الابن تركي لم يتصرف إلا وفق الشرع، ثم بتوجيهنا بصفتنا وليّ أمرهما، كما أن الوسائل الإعلامية ليست الحل المناسب لتناول أمور عائلية، وبدلاً من ذلك كنا نتوقع من الابنة سارة أن تلجأ إلينا لتذليل أي أمر يتعلق بتنفيذ ما اتفق عليه معززة مكرّمة».
طلال بن عبد العزيز