اختفى أربعة شبّان سوريين معارضين للنظام الحاكم في سوريا، كانوا موقوفين لدى استخبارات الجيش، فحُمّل الخبر أوجهاً عدة، رسم أحدها معالم جريمة لم تحدث... وربما حدثت.تحدثت أطراف سياسية عن سيناريو خطف محكم زُعم أن من نفّذه الملازم أول صلاح الحاج، فنقلت الرواية الأولى أن الملازم أول الحاج شوهد في بعبدا قبل اختفاء الشبان الأربعة، ناسبةً إليه تنفيذه عملية الاختطاف واقتياد المخطوفين إما إلى سوريا، أو تسليمهم إلى السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم العلي، لكن، فور إشاعة الخبر صدرَ نفيٌ عن السفارة السورية في لبنان، وتحدّث السفير السوري علي عبد الكريم علي لـ«الأخبار» مشيراً إلى أن ما يُسوّق لا يعدو كونه افتعالاً بقصد التشويش على سوريا، وإطلاق التهم الباطلة بحقها.
اكتفى السفير العلي ببيان السفارة، لافتاً إلى أن هناك موقوفين سوريين لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية يجري استجوابهم. أُثير الخبر ففُتح تحقيقٌ في الحادثة. عهد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي إلى جهات مختصة في قوى الأمن إجراء تحقيق إداري ومسلكي، في موازاة تحقيق قضائي تجريه النيابة العامة العسكرية للتثبّت من تنفيذ عناصر عسكرية لعملية الاختطاف، وذلك لمعرفة الملابسات والوقوف على مصير الشبان الأربعة الذين ادّعى ذووهم أنهم خرجوا ولم يعودوا. في المقابل، وضع كثيرون السيناريو المرسوم في سياقه السياسي باعتبار أن اتهام صلاح الحاج هو اتّهامٌ للسفارة السورية، علماً بأن الأخير مسؤول الأمن فيها، لا بل رأى القائلون بهذا الرأي أن إشاعة خبر الخطف يأتي في سياق التعمية على تورّط مشيعي الخبر، في تحريض الشبّان، الذين أوقفتهم استخبارات الجيش، على توزيع البيانات المناهضة للنظام السوري.
وسط الحيرة حيال مصير الشبان الأربعة، خُطفوا أم لم يُخطَفوا، وبالتوازي مع التحقيقات، بدأت التحليلات الأولية، فاتهام الملازم أول الحاج بعملية الخطف لمجرّد مشاهدته في بعبدا، لا يرقى إلى مصاف الدليل، وفق أحد المسؤولين، باعتبار أن منزل السفير السوري موجود في بعبدا، والحاج مسؤول الأمن لدى السفارة. وأشار هؤلاء إلى أن إشاعة الخبر على ألسنة سياسيين من قوى 14 آذار يأتي في إطار الدعم غير المباشر للمعارضة السورية في لبنان. وفي سياق استرجاع مجريات ما حصل، فقد بدأت القضية إثر توزيع عدة شبّان سوريين بيانات تدعو إلى التظاهر أمام مقر السفارة السورية في بيروت في إطار ما سُمّي تحركاً من «أجل الديموقراطية في سوريا». حينها ألقت مديرية الاستخبارات في الجيش القبض على ثمانية أشخاص في الـ 24 من شهر شباط، بينهم الشبان الأربعة المجهولو المصير وهم أشقاء: جاسم جاسم، شديد جاسم، علي جاسم وأحمد جاسم. أُجري تحقيق مع الموقوفين وأُطلق سراح بعضهم في اليوم نفسه بناءً على إشارة القضاء قبل أن يعاد توقيفهم في اليوم التالي. كذلك أُبقي شخصٌ واحد حُقّق معه وأُحيل على تحرّي بعبدا قبل أن تُشير النيابة العامة التمييزية بتركه. مصير الشبان لا يزال مجهولاً. القوى الأمنية لا تعلم إن كانوا مخطوفين أو مختبئين. هناك أربعة شبان سوريين موقوفين لدى استخبارات الجيش لكنهم ليسوا الأربعة المنشودين الذين تود التحقيقات كشف مصيرهم. الانتظار سيّد الموقف ريثما توضح التحقيقات ملابسات ما يجري.