بعلبك | عشّاق موقع بعلبك الأثري على موعد مع مشهد مختلف، سواء داخل الموقع أو المناظر الطبيعية التي لم يتسنَّ للسياح والزائرين رؤيتها. فالسور الشمالي لهيكل جوبيتر، الذي بني من تسعة أحجار يصل طول الواحد منها إلى تسعة أمتار ونصف، وبارتفاع بلغ أربعة أمتار، سيكون عمّا قريب مكشوفاً. ومن الجهة الغربية سيكون المشهد أجمل لاقتران الجدار الغربي الضخم بلوحة طبيعية. فمداميك الجدار الثلاثة، التي تعدّ من أهم المعالم الهندسية في بعلبك لضخامتها (طول كل منها تسعة عشر متراً بارتفاع أربعة أمتار)، سيكون الوصول إليها ممكناً وهي محاطة بأشجار سرو عملاقة، تضمّن المشروع الجديد إدخالها في الموقع الأثري بعدما استملك البستان. هذان جزءان مما ستكون عليه المعابد الرومانية من منشآت وتجهيزات سياحية وتحسين للمناظر ستنجز مرحلته الأولى ضمن «مشروع الإرث الثقافي والتنمية المدنية» بتمويل من البنك الدولي للإعمار والإنماء، أما المرحلة الثانية فستموّلها الوكالة الإيطالية للتنمية. عملية التأهيل والترميم التي تخضع لها قلعة بعلبك تنقسم إلى مرحلتين أساسيتين، الأولى تتضمن التجهيزات السياحية وتحسين المناظر، بالإضافة إلى الجزء المتعلق بالحفاظ على المسطّحات وتدعيم المباني. أما المرحلة الثانية فتحتوي على تدابير لتحسين الموقع الأثري والحفاظ عليه، فضلاً عن تدعيم الإنشاءات الأثرية وتحسين مسارات السياح والمتاحف.
التغييرات التي سيشهدها الموقع كثيرة، بدءاً بالمداخل، مروراً بمسارات السياح، وصولاً إلى المخارج. فقد أوضحت دراسات المشروع أن تعديلات وتحسينات ستطرأ على منشآت الزائرين، حيث سيهدم المكتب الحالي لبيع التذاكر، وتُحوّل المساحة إلى منطقة خضراء، وسيصبح للقلعة مدخلان، الأول عند بستان رعد (سبيل مياه شومان)، والآخر عند بيت ناصيف التراثي من الجهة الجنوبية للقلعة. فعند سبيل شومان، وفقاً لرسوم المشروع، سيقام جسر معدني يخصص لدخول الزوار، على أن يتحول سطح البناء إلى منطقة خضراء. أما بيت ناصيف فسيكون المدخل الرئيسي ومركز الزائرين، بالإضافة إلى مكاتب المديرية العامة للآثار. ويعدّ بيت ناصيف من أقدم المنازل في بعلبك، وهو يتألف من ثلاث طبقات يجري تأهيلها وترميمها حالياً ضمن المشروع. فالطبقة الأرضية منه ستصبح شباكاً لبيع التذاكر ومركزاً لاستعلامات الزوار، بالإضافة إلى صالة عرض للموقع وغرفة عرض سمعي وبصري تحوي ما يقارب 25 مقعداً، ومكتبة صغيرة وحمامات جديدة. أما الطبقتان الثانية والثالثة فتصبحان مكتب المديرية العامة للآثار، وسيكون الوصول إليهما بدرج خارجي مستقلّ ما زال موجوداً في البناء. إلا أن المميز في بيت ناصيف، والذي سينال إعجاب الزائرين، فقناة المياه التي تخترق المبنى، وسيكون متاحاً للزائرين مشاهدة تاريخ الطاحونة التي كانت قائمة إلى جانب المنزل. لم تقتصر الإفادة من إضافة بستان زين إلى الموقع على المشاهد الأثرية والطبيعية، بل سمح المشروع بإنشاء مجمع شُرع في بنائه يحوي مختبراً لصيانة القطع الأثرية وغرفتين وحماماً للشرطة، ومخزناً ومستودعات، فضلاً عن موقف يسهّل الوصول إلى الموقع.
الجدير ذكره أن قلعة بعلبك المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأونيسكو منذ عام 1984، لم تشهد عملية ترميم وتأهيل جدية منذ أكثر من قرن. ففي ستينيات القرن الماضي أجرت المديرية العامة للآثار عملية ترميم وتأهيل للموقع الذي كشفته بعثة ألمانية عام 1899 كان قد أوعز إليها الإمبراطور الإلماني غليوم الثاني بذلك، بعدما زار بعلبك مع زوجته فيكتوريا.
لكن الجدير ذكره أيضاً أن بلدية بعلبك بدت غير عالمة بالمشروع ومراحله وحتى بالدراسات والتنفيذ. فقد أكد رئيس بلدية بعلبك هاشم عثمان لـ«الأخبار» «عدم توفر العلم» لديه بمراحل تنفيذ المشروع، مشيراً إلى أن «عتبه» على مشروع الإرث الثقافي الذي «لم يوفر له نسخة عن الدراسة والتنفيذ»، لكنه أكد شكره لناحية الجهد الكبير الذي يبذل في تنفيذ المشروع.