درجت العادة في القرى التي تشهد تنافساً انتخابياً حاداً بين طرفين، أن تواجَه مشاريع البلدية الفائزة بالانتقادات من قبل الطرف الآخر. فلا يمرّ مشروع، أو تعرض فكرة جديدة، من دون أن يتساءل المنافسون عن أسباب «غير منظورة» لتقديم مشروع على آخر، من دون أن يتعدّى الأمر الثرثرات الليلية بين أبناء القرية الواحدة. هذه القاعدة تنطبق على عدد من القرى، ومنها كفرزبد البقاعية، التي زاد فيها الأمر عن حدّه، إذ يواجه كلّ مشروع ترغب البلدية في تنفيذه بمحاولات عرقلة من الفريق الآخر تحت ذرائع مختلفة.أولى محاولات العرقلة كانت الخلاف الذي نشأ على أحقيّة إدارة منشآت محميّة كفرزبد الطبيعيّة، أو ما بات يعرف بـ«حمى عنجر ـــــ كفرزبد»، بين فريق يدّعي أنه الأحق بحمايتها لأنه صاحب المشروع، وفريق يتحمّل قانوناً مسؤولية الحماية. وقد فشلت مساعي أكثر من جهة سياسيّة وحزبيّة في تذليلها، هذا إضافة إلى الجهود التي لا تزال تبذلها جمعية حماية الطبيعة في لبنان لهذه الغاية.
أما آخرها فكان قبل أسبوعين، وتمثّل في اعتراض بعض أصحاب الأراضي، من الذين ينتمون إلى الفريق الذي لم يحالفه الحظ في الانتخابات المحليّة الأخيرة، على شقّ البلديّة الحاليّة طريقاً ترابيّة بطول عشرات الأمتار، بغرض الوصول إلى مشاعات البلدة وغرس 2500 شجرة من نصوب الصنوبر، قُدّمت هبة من وزارة البيئة إلى البلدة المذكورة، على أن تتكفّل الأولى بتغطيّة كامل نفقات غرسها على مساحة 30 دونماً من هذه المشاعات، ودفع مصاريف ريّها والعناية بها، وتعيين حراس لحمايتها لفترة تمتد من 3 إلى 4 سنوات.
رئيس المجلس البلدي عمر الخطيب استغرب تعاطي البعض مع كل ما يصبّ في مصلحة البلدة بطريقة كيديّة، موضحاً لـ«الأخبار» أن كلّ ما جرى «ليس سوى مناكفات يتعمّدها عدد من أصحاب هذه العقارات في تلك المحلة، ومن يقف خلفهم من محرّضين، بهدف عرقلة عمل البلدية. إلا أن ذلك لن يمنعنا من تذليل العقبات، والقيام بواجبنا كاملاً، بعيداً عن الحرتقات المفتعلة». وأوضح أن «الإشكال الأخير الذي حصل منذ أسبوعين قبل إتمام عملية التشجير، استوجب استدعاء عناصر قوى الأمن الداخلي لفضّ الخلاف، ووضع الأمور في نصابها، ولا سيما أن أحد أصحاب العقارات أبلغ عناصر مخفر درك رياق موافقته على شق طريق ضمن قطعة أرض يملكها هناك، وذلك مؤقتاً، من أجل مرور الجرارات الزراعيّة، إلى حين الانتهاء من إيصال النصوب إلى الموقع المقرر تشجيره، نظراً إلى عدم وجود طريق زراعية تربط هذا الموقع بالطريق العام».
ولفت الخطيب إلى أن هذا الإشكال «ليس الأول، وقد لا يكون الأخير في هذا الإطار، وكان قد سبقته عدة خلافات بين بعض أعضاء لجنة البيئة في البلديّة، وعدد من أصحاب هذه الأراضي، الذين أطلقوا في غير مناسبة شتائم وعبارات نابية طالت المجلس البلدي والفريق الذي يقف إلى جانبه». وتمنّى على جميع أبناء البلدة «التحلي بروح المسؤوليّة، والقبول بما تقتضيه اللعبة الديموقراطيّة وما تنتجه الانتخابات، والعمل لما فيه مصلحة البلدة، وخاصة المحافظة على المشروع الأخير الذي من شأنه إقامة مساحة خضراء تضفي جمالاً على مدخل البلدة الجنوبي، وذلك تجنّباً لإحجام الجهة المانحة عن تنفيذ وعودها بالنسبة إلى متابعة دفع تكاليف الاعتناء به في السنوات المقبلة».
من جهته، رأى أحد أصحاب الأراضي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن اعتراض معظم أصحاب العقارات يأتي من باب الحفاظ على ممتلكاتهم الخاصة، وعدم استخدام قسم منها للمصلحة العامة، «وهذا حق مكتسب لهم». يضيف «كذلك فإن ذلك ينبع من حرصهم على مصالح البلدة، لناحية هدر الأموال من خلال إقامة مشروع لن يعيش طويلاً»، مذكّراً بتجربة مماثلة كانت قد أثبتت فشلها سابقاً في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وذلك بعد أن قضت الماشيّة على الآلاف من نصوب الأشجار التي غرستها وزارة الزراعة آنذاك في هذه المشاعات.