أخيراً، بعد فضيحة زيت الجفت المستورد التي أثارت ضجة واسعة، حدّدت وزارة الزراعة، بعد التشاور مع الأطراف المعنية من مزارعين ومؤسسات، المواصفات المطلوبة لزيت الزيتون اللبناني، ومعايير بيعه وتصنيف جودته، مقسّمة المحصول إلى أربعة تصنيفات هي: زيت زيتون ممتاز بكر، زيت زيتون بكر، زيت زيتون بكر عادي، زيت زيتون خليط من بكر ومكرر.
وللتعريف، زيت الزيتون البكر هو بالمصطلح الشعبي “العصرة الأولى الصافية من الزيت والخالية من أي صنف غذائي آخر”. الممتاز هو الطازج، أمّا الزيت المكرر فهو الذي يمرّ أكثر من 18 شهراً من دون أن يُستهلَك، فترتفع حموضته ويجب إضافة زيت بكر له حتى يعود إلى وضعه الطبيعي.
كذلك، أقرّ المعنيون في وزارة الزراعة والمزارعون وشركات الزيت ضرورة احترام معايير أخرى مثل: وضع ملصقات على عبوة زيت الزيتون، تحدّد مكان زراعة الزيتون، اسم المعصرة، تاريخ الإنتاج، تاريخ الصلاحية، اسم المزارع، الحجم، الوزن، وشهادة التحليل. أكثر من ذلك، سيصبح لزاماً على كل معصرة زيتون أن تستحصل على رخصة، وإلا كان عملها وزيتها غير شرعيين قانوناً.
يمكن القول إن تنظيم قطاع زيت الزيتون هو أمر إيجابي. لكن الحديث مع المزارعين وأصحاب المعاصر يأخذ المشكلة إلى مكان آخر. فبحسبهم، المشكلة ليست في الترخيص، بل إنها في مكان آخر: السماح باستيراد زيت الزيتون من الخارج، السماح باستيراد زيت الجفت وخلطه مع زيت الزيتون، قلّة تصريف الإنتاج، رسوم للبلدية، ارتفاع كلفة عصر الزيتون وشحّ المردود بسبب المنافسة الخارجية والمصانع الكبيرة التي تبيع الزيت المكرر. بالمناسبة، المشاكل المذكورة تحدّث عنها صاحب معصرة مرخصّة منذ 60 عاماً، في أميون بالكورة “معقل زيت الزيتون في لبنان”، والأكيد أن الرخصة لم تفده بشيء. لولا طلب ابنه، كان عارف البرجي ينوي إقفال معصرته أسوةً بكثيرين سبقوه و“باعوا مكابسهم ومعاصرهم بسبب تحوّل هذه المهنة إلى عبء بعدما كنا ننتج زيتاً يشبه الدواء في فوائده إن لم نقل أكثر” يقول البرجي. يلقي باللوم على الدولة وعلى تعاملها مع التجار الذين “يغشون الزيت، ويخلطونه بزيت الجفت، وحين يشترون زيتنا الصافي والطبيعي، يعرضون سعراً رخيصاً، يبتزّوننا لأننا نحتاج إلى تصريف إنتاجنا”. بوضوح، يجب أن تشمل التشديدات “أصحاب المعامل الكبيرة التي تملك إمكانات التكرير، لا أصحاب المعاصر والمكابس التقليدية فحسب” يقول. يشير إلى معلومات يجهلها كثيرون، لكنها توفر على صحتهم وجيوبهم: يبلغ حجم تنكة زيت الزيتون الطبيعي غير المكرر 16,6 كيلوغرام بسعر 100 دولار، بينما يباع الزيت المكرر (المغشوش) بوزن أقل وسعر أعلى.