الجنوب | تتنقّل أزمة النفايات جنوباً بين قضاء وآخر، من دون أن تقطع «حبل السرّة» في ما بينها. فمن جهة، تفشل الحلول لأسباب سياسة هنا وبيئية هناك، ومن جهة ثانية لا يعدم «مهرّبو النفايات» حلاً، مستمرين في أداء مهماتهم تحت جنح الظلام في معظم الأحيان.وفي وقت لا تزال فيه أزمة صيدا مفتوحة، عادت في الأيام الأخيرة أزمة النبطية إلى الواجهة من خلال التحرك الذي قام به أهالي بلدة الشرقية، اعتراضاً على إنشاء اتحاد بلديات الشقيف لمعمل للنفايات في خراج جارتهم الكفور، ولوّحوا باعتصام الأحد المقبل في ساحة البلدة وباللجوء إلى التصعيد بهدف وقف العمل في إنشاء المعمل.
وتأتي هذه الحملة «المضادة» بعد نحو ستة أشهر على بدء العمل في تنفيذ مشروع العمل المموّل من الاتحاد الأوروبي، بموافقة وزارة الداخلية والبلديات ووزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار على قطعة أرض اشتراها اتحاد بلديات الشقيف في الوادي القريب من بلدة الكفور، وتتبع لها عقارياً.
وتعزو فاعليات الشرقية السبب في ممانعتها إلى أن المعمل «وإن كان في خراج بلدة الكفور، إلا أنه يبعد نحو ألفي متر عن المنطقة المأهولة في الكفور، فيما لا يبعد أكثر من 550 متراً عن المنطقة المسكونة في الشرقية» بحسب أحد المحتجين. ويستند المحتجون إلى دراسة تتحدث عن أن الضرر من وجود المعمل قد يصيب نحو 4000 مواطن.
ويتساءل محافظ النبطية محمود المولى «إذا كان الأمر كذلك، فلماذا انتظر الأهالي إنفاق اتحاد بلديات الشقيف مبالغ طائلة ثمن الأرض وإعدادها بموافقة بلديتي الشرقية والكفور على الاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي والوزارات المعنية؟». المولى أشار إلى أن «مشكلة النفايات تغرق بلدات الاتحاد، وقد توقفت الشركة المكلفة أمر جمع النفايات ثلاثة أيام عن الجمع، فدبّ الذعر في نفوس المواطنين من مفاعيل بيئية وصحية، وإن لم نعمل بصيغة المعمل، بعد دراسات تؤكد عدم الضرر، فليقل لنا المعترضون أين يكمن الحل؟».
ويؤكد «أن الخلاص هو بوجود المعمل. أقمنا قبل الآن مكبّاً في محلة بسفّور قرب الشرقية، ثم ذهبنا إلى حاروف وكفرتبنيت، فكفررمان، واليوم لا نلمس اعتراضاً على مكبّ نطرحه كحل، بل على معمل تتوافر فيه كل الشروط البيئية بعد دراسة مفصلة ودقيقة أعدّتها مؤسسة مصنفة من الدرجة الأولى، وسنصل من خلالها إلى حل نهائي للنفايات التي ستخرج موضّبة بين مواد عضوية وأسمدة جاهزة للبيع، فماذا يريد الأهالي أكثر من ذلك؟». واستغرب المحافظ هذه الحملة المضادة بعد المبالغ الكبيرة التي دفعها اتحاد بلديات الشقيف و«نحن على مشارف الحلّ الجذري».
وكأنّه لا يكفي بلدات قضاء النبطية معاناتها من موضوع مكبّات النفايات، حتى بات عليها تحمّل نفايات قرى شرقي صيدا ومنطقة جزين التي يمتنع مكبّ مدينة صيدا عن استقبالها. إذ أكدت معلومات أهلية وبلدية أنّ شاحنات محمّلة بنفايات هذه القرى، تعمد إلى رميها في المكبّات «المتنقلة» المعتمدة من شركة الجنوب للمقاولات التي تتعهد جمع نفايات قرى الاتحاد.
وفي هذا الإطار، تواصلت في صيدا الاحتجاجات على الطرق المعتمدة لحلّ أزمة النفايات فيها، وقد انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني، من خلال إنشاء مجموعة على موقع «فايسبوك» تحت عنوان «لا للبلديات لا للنفايات». أعضاء المجموعة نشروا صور النفايات في الشوارع، مع وعد بتحركات ضاغطة «من أجل التخلص من كارثة بيئية ومن خطر انتشار الأمراض والأوبئة».
ورفضاً لمحاولات «تطييف» الأزمة، رفعت المجموعة لافتات في شوارع بلدتي عبرا والهلالية لتعطي بعداً وطنياً للمشكلة، مثل لافتة: «لا لطائفية النفايات» التي رفعت في أكثر من مكان وعند أكوام نفايات استوطنت الشوارع. مواطنة صيداوية تسكن في بلدة عبرا علّقت على الموضوع قائلة «أهم شيء أن تكون هناك وحدة وطنية حتى في النفايات».