قُتل السجين المعفى عنه روي عازار في اقتحام «رومية». انفجرت قنبلة ومزّقت رقبته. والدته كانت تنتظر خروجه لتزوّجه، أما شقيقه فيسأل: دماء أخي برقبة من؟
«بدي يّاها تُخلص وبدّي أُطلع. ما بدي إبقى هون ... الوضع كارثي ... مش قادرين ننام ... الدخان عم يخنقنا» هي الكلمات الأخيرة التي قالها روي لشقيقه نيكولا قبل أن ينقطع الاتصال بينهما مع بدء اقتحام القوى الأمنية للسجن المركزي. لقد مرّت كلمات الشقيق الأوسط سريعة، تاركة العائلة في حالة ترقّب وصلاة لانجلاء الدخان المتصاعد من سجن رومية. الشقيق الأكبر نيكولا أوصى روي بالصلاة والاختباء لحماية نفسه من هجوم القوى الأمنية، لكنه لم يكن يعلم أنّ روح شقيقه وحدها ستُزهقها قنبلة أطلقتها القوى الأمنية. قنبلة انفجرت قرب رقبته فأزهقت الروح الساكنة جسد الشاب الثلاثيني لتُجبرها على مغادرته، قبل أن ينعم بحياة الحرية التي منّ بها عليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان بعفو خاص. روح روي «غادرت سجنها الأصغر لتسكُن في سجن سرمدي بعيد عن هذه الدنيا» وفق تعبير نيكولا.

الغصة كانت تخنقه، فقد كان يغالب العبرة محاولاً كتمها. حزنه على شقيقه لا يُقاس بالدموع أو الكلمات. فمهما قال لن يكون كافياً للتعبير عما يشعر به. الحسرة هي أكثر ما يقتله، فعبارة «اللي بيروح بتروح عليه» لا تغادر عقله. «لماذا أخي؟ لماذا نحن ... أين القضية في ما حصل ... ماذا أقول للناس ... أخي شهيدٌ أم مظلوم؟» ... سيل من الأسئلة يُغرق رأس الشاب الذي لا يعرف كيف يُنفّس عن غضب وحُزن قاتلين. يحكي عن اتصال الوزير بارود به، آخذاً القضية على عاتقه. يشكر له مبادرته، لكنه يتساءل كيف يمكن مدافعاً شرساً عن حقوق الإنسان أن يسمح باستخدام مفرط للعنف مع سجناء عزّل. يسأل نيكولا السؤال، ثم يعُيده، من أعطى القرار باستعمال قنابل صوتية؟ ولماذا لم يستعملوا قنابل دخانية أو غازية لا تؤذي؟ حال نيكولا لا تُقارن بحال والدته. فتلك المرأة التي كانت تنتظر ابنها الأوسط ليخرج من السجن لتضمّه إلى حضنها بعد غياب سبع سنوات ستبقى تنتظر. من قاسمها دمها وروحها قُتل. قُتل في ليلة ظلماء. أما العروس التي كانت تُريد اختيارها زوجة له فلن يكون لها وجود بعد اليوم. لن تتمكن هذه المرأة المفجوعة من ملاعبة أحفادها من ابنها روي. لن تستطيع أن تخبر أحدهم بأنه يُشبه والده. فروي قد رحل وخلّف الحسرة في القلب. لا خسارة في الدنيا تُعادل خسارة الابن.
اليوم هو يوم العزاء الثالث للعائلة في كنيسة مار الياس في سن الفيل، حيث يرقد جثمان روي. العائلة والمحبّون لا يزالون هناك، لكنهم سيغادرون ليبقى روي وحيداً ينتظر انتهاء التحقيق علّه يُحصّل حقه ولو معنوياً.
روى نيكولا لـ«الأخبار» أن عائلة روي عازار تقدّمت بشكوى ادعاء بالقتل أمام فصيلة درك برمانا بحق كل من وزير الداخلية والبلديات زياد بارود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي وقائد الدرك بالوكالة العميد صلاح جبران وكل من يُظهره التحقيق ضالعاً في الجريمة.