غريب أمر شارع الحمراء. في قلبه تقع وزارة الداخليّة وعدد من المؤسسات الحكوميّة. هو قلب حياة المدينة ليلاً ونهاراً. هذا الأمر لا يشفع للشارع، إذ لم يحصل في أي وقت حادث في الشارع إلّا احتاج عناصر قوى الأمن إلى وقت طويل ليصلوا إليه.يوم أمس، كان الحادث مأسوياً. عند الثانية والنصف بعد منتصف الليل، يعلو الصراخ في الشارع الفرعي المؤدي إلى شارع الحمراء الرئيسي مقابل بنك بيروت. سيّارة رباعيّة الدفع اجتاحت أحد الملاهي، بعدما «علقت» دواسة البنزين، واستقرّت على جسد أحد الشبّان، الذي كان ماراً على الرصيف. الاتصال بقوى الأمن كان سريعاً. وصل درّاج، لكنّ السيّارة عالقة على جسد الشاب. حاول نحو خمسة وعشرين شاباً أن يدفعوا السيارة عن الجسد المطوي تحت الدولاب. عبثاً. فسقف السيّارة كان عالقاً.
تصل إطفائيّة تابعة للدفاع المدني. يركنها السائق في الشارع وينتظر. ما الذي ينتظره، لا أحد يعرف. رفاق «سيئ الحظ»، ثكالى. يتوعّدون سائقة الجيب. أمّا مالكه، فجاء يندب حظّه، ويصرخ بابنه، الذي أوكل القيادة إلى حبيبته: «لماذا نزلت إلى بيروت؟». كلّ الصراخ والبكاء لا يُغيّر من واقع الحال. جسد الشاب لا يزال قابعاً تحت الدولاب. الدقائق تمرّ. لا أحد يجد حلاً. خمس وثلاثون دقيقة مرّت حتى وصلت رافعة تابعة لقوى الأمن الداخلي. مهلاً. هي ليست الحلّ. لا يُمكنها سحب السيّارة. طيّب ما العمل؟ يخرج أحد المواطنين بفكرة بسيطة: فلنفكّ الدولاب. بعد نحو أربعين دقيقة، يسأل عناصر قوى الأمن المواطنين من يملك مفتاح دولاب. يُسحب الشاب، من دون تأكيد حياته أو موته.
تجري محاولات إنعاشه في المستشفى. تعتذر الصبيّة لأحد رفاق الجريح الذي دهست رجله وهي في طريقها لدهس صديق قائلةً: «sorry». يستشيط الشاب غضباً: «حتى وهم يدهسون شاباً يتحدّثون بالإنكليزيّة؟».