أعلنت الهيئة العليا للسياحة والآثار في المملكة العربية السعودية إنهاء الحفريات الأثرية في موقع الغات في منطقة الرياض، حيث عُثر على عدد كبير من مواقع العصر الحجري. وقالت الهيئة في بيانها إن «الآثار المكتشفة تؤكد أنه كان هناك نشاط بشري كثيف جداً في هذه المنطقة في فترات العصر الحجري. واكتُشفت مغاور تحوي رسوماًً تعود إلى نحو 80.000 سنة. وقد صوّر إنسان العصور القديمة الحيوانات التي عايشها في هذه المنطقة في تلك الفترة مثل الغزال والحصان والوعل والنعامة. خلال السنين الماضية، كانت المملكة العربية السعودية قد بدأت عملية التصالح مع ماضيها غير الإسلامي، من خلال السماح لعلماء الآثار الغربيين بإنجاز حفريات أثرية في أرضها واكتشاف المواقع الأثرية. حتى إنها بدأت «تصدر» احترامها لهذا التاريخ إلى دول الغرب من خلال إنجاز معرض «روائع آثار المملكة عبر العصور» الذي بدأ جولته في متحف اللوفر الباريسي، وانتقل من بعدها إلى برشلونة ومن ثم إلى روسيا فألمانيا. وقد اختير للمعرض 320 قطعة أثرية ترمز إلى التاريخ القديم للمملكة، وخاصة نشأة الإسلام. وتحاول المملكة عبر هذه التصريحات والمعارض الدولية أن تدخل مصطلح آثار ما قبل الإسلام إلى بلادها بتروٍّ، وتحاول بهذه الخطوات أن تبعد نفسها عن مبدأ عصور الجاهلية. ويجب التذكير بأن الجاهلية تعدّ كل العصور التاريخية وما قبل التاريخية التي سبقت ولادة الديانة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية. ولكن الحفريات الأثرية، والآثار الباقية لهذه القبائل، تثبت أنه ليس هناك من جاهلية، بل العكس هو الصحيح. فتلك الفترات هي في الواقع عصور ذهبية لقبائل كانت تعيش بالنعيم على طرق تجارة الحرير والبهار الدولية. وهذا ما أثبتته مدينة مدائن صالح التي هي امتداد طبيعي لمدينة البتراء النبطية. وتجدر الإشارة إلى أن قبور مدائن صالح ليست أقل جمالاً وأناقة من قبور البتراء، ولكنها مجهولة من السياح، رغم إدراجها في السنة الماضية على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو. وتلك الخطوة كانت أيضاً تهدف إلى تقريب المملكة من تاريخها القديم الذي لا يخلو من المشاكل. فهناك مثلاً مسألة اللغة، فالعربية لم تكن هي الوحيدة المعتمدة في الجزيرة، بحسب ما أكدته الحفريات الأثرية في مدائن صالح التي أبرزت أيضاً ديانات متعددة الآلهة. فكيف سيُتعامل مع هذه المعطيات؟ تحاول المملكة التقليل من الإشارة إلى هذه الدلائل، وتسليط الضوء على هندسة القبور وعمليات صقل الحجر.
وفي هذا الإطار يأتي اكتشاف رسوم ما قبل التاريخ على أنه الأقل خطراً. فتلك صور لحيوانات رسمها بشر عاشوا قبل مئات آلاف السنين، لا يعرف دينهم أو أشكالهم. آثارهم محايدة جداً، ولا تمثّل خطراً على الإسلام ومبدأ الجاهلية.