نُقل السجين حاتم الزين (مواليد 1933) إلى مستشفى ضهر الباشق في حالة الغيبوبة، حيث كان يعاني ضيقاً في التنفّس، لكنه ما لبث أن فارق الحياة. وَقعُ خبر وفاة السجين حاتم جاء كالصاعقة وسط حال الترقّب التي يعيشها كُثر رصداً لما يرشح من أخبار قادمة من السجن المركزي، الذي شغل تمرّد السجناء فيه البلد أياماً طويلة. تداول أحد المواقع الإخبارية خبر «انضمام السجين الزين إلى قافلة الوفيات بعد معاناته مع مرض الربو، وتدهور حالته الصحية جراء انقطاع الدواء عنه خلال الأحداث الأخيرة».
وأشار الموقع المذكور إلى أنّ «حالة السجين تفاقمت جراء تعرّضه لغازات القنابل الدخانية التي رُميت على الزنازين». خبر وفاة السجين أثار حالاً من البلبلة، ولا سيّما بعد ربطه بتبعات حادثة اقتحام القوى الأمنية للسجن المركزي. فقد ذكر متابعون لأوضاع السجون وعدد من السجناء لـ«الأخبار» أن السجين الزين ليس الأخير في قافلة المتوفَّين جرّاء أحداث «رومية» الأخيرة. بدوره، أكّد سفير «منظمة حقوق الإنسان» في لبنان علي خليل أن السجين الزين توفي نتيجة تدهور حالته الصحية جراء الدخان الذي تنشّقه خلال الأحداث الأخيرة، فضلاً عن انقطاع الدواء عنه. واستنكر السفير خليل الحال الصحية التي يعيشها السجناء في السجن المركزي، لافتاً إلى أنّ إهمال القوى الأمنية لأوضاع السجناء المصابين تُسهم إسهاماً مباشراً في تفاقم حالتهم. في المقابل، نفى مسؤولون أمنيون لـ«الأخبار» ما جرى تداوله عن وفاة السجين الزين نتيجة تفاقم مرضه بفعل الأحداث الأخيرة. فقد أشار مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» إلى أنّ وفاة السجين الزين الذي يبلغ من العمر 78 عاماً كانت طبيعية، لافتاً إلى أنّه خضع لكشف طبيبين شرعيين أكّدا صحة ذلك، كما يُشار إلى أن التقارير الأمنية بيّنت أن الطبيب المعالج الذي كشف على الزين أفاد بأن المتوفَّى كان في حالة الغيبوبة وضيق التنفّس عند وصوله إلى المستشفى. وأشارت التقارير المذكورة إلى أن الطبيب الشرعي الذي كشف على الجثة ذكر أنّ سبب الوفاة هو التوقّف في عمل القلب. وفي الإطار عينه، تحدّث سجناء لـ«الأخبار» عن وجود نزلاء مصابين إصابات خطرة لا يحظون بالعناية الصحية اللازمة، ما يُرجّح أن تتفاقم حالهم وتتدهور إلى الأسوأ.
جريحان في عراك بين سجناء النبطية
وفي قضية السجون أيضاً، تمكّن عناصر سرية درك النبطية في قوى الأمن الداخلي من تطويق سريع لإشكال حصل في سجن السرية، عند المدخل الشمالي لمدينة النبطية، بعد إصابة اثنين من المتعاركين، جراء انقسام المساجين بين فريقين متخاصمين. بعد إشكال حصل قبل ظهر أمس، بين عدد من المساجين، بينهم لبنانيون وفلسطينيون، سرعان ما عمت الفوضى والصراخ المكان، ما استدعى تدخل قوة من السرية، بأمرة قائد سرية درك النبطية العقيد علي هزيمة، فجرت مداهمة سريعة لغرف الزنزانة، وهي كناية عن ثلاث غرف تتسع لنحو مئة سجين، وأوقف المتعاركون بالأيدي وفُصل بينهم، ليتبين إصابة اثنين منهم بجراح نتيجة استخدام آلات صلبة أو حادة انتزعت من أحد الأسرّة، وهما: شوكت ع. وأحمد غ. وقد عمل عناصر السرية على نقلهما إلى أحد مستشفيات مدينة النبطية، بينما أوقفوا المتهم الرئيسي في الاعتداء عليهما عادل غ. وهو من التابعية الفلسطينية.
وقد أحيل عدد من الموقوفين، بينهم المتهم الرئيسي بتشطيب زميليه، على النيابة العامة في النبطية، «التي كانت على اطلاع مستمر على ما يجري داخل سجن سرية النبطية، التي باشرت بدورها التحقيقات اللازمة».
مصادر في سرية درك النبطية، أكّدت أن الهدوء عاد سريعاً إلى الزنازين وفُتح تحقيق شامل لمعرفة الأسباب والمسبّبين، واستُمع إلى سجناء محايدين عن كيفية حصول العراك ومسبّباته؛ لافتةً إلى أن قائد السرية دخل بنفسه إلى غرف المساجين واستمع إلى شهادات عدد منهم، نافيةً أن تكون ثمة مواجهات كبيرة أو حالات تمرد في صفوف السجناء «بل إن ما حصل هو صراع بين شخصين، اتسع بعدما انضم فريق من السجناء إلى أحدهما، وفريق آخر إلى الطرف الآخر». وأشارت المصادر إلى أن التدخل السريع لضباط وعناصر الدرك بقيادة قائد السرية وبإنذار من حراس السجن، حال دون اتساع رقعة الخلاف، أو سقوط المزيد من الجرحى. وأكدت كذلك أن العلاقة «طبيعية بين السجناء والموقوفين والحراس المكلّفين أمنهم ورعايتهم». وأدّى العراك إلى فوضى نالت من الأسرّة وثياب السجناء وفرشهم وأغطيتهم، وعاود السجناء ترتيب مخلفات العراك بإشراف العناصر الأمنيين الذين فتشوا أغراض السجناء خشية وجود آلات حادة أخرى قد تُستخدم في ردّ فعل على ما حصل.
يشار إلى أنّ وفداً من الهيئة العليا للإغاثة برئاسة اللواء محمد رعد يزور صباح اليوم سجن رومية المركزي للوقوف على الأضرار.



إهمال؟

ذكرت الإعلامية غادة عيد لـ«الأخبار» أن ما يجري في سجن رومية يُنبئ بكارثة إنسانية محققة. فقد أشارت عيد إلى أن السجناء المصابين يعانون إهمال القوى الأمنية لوضعهم الصحّي. لفتت عيد إلى أنّ الحال الصحية الحرجة لهؤلاء تستدعي نقلهم إلى مستشفيات متخصّصة، باعتبار أنّ المستشفيات التي يُعالجون فيها تفتقر إلى أدنى المقوّمات. عيد قرعت ناقوس الخطر لجهة التمادي في الإهمال لحياة السجناء المهدّدة، ولفتت عيد إلى أنه لو خضع السجين ناصر درويش لطبابة سليمة لنجا من الموت. من جهة أخرى، تقدّم والد السجين إبراهيم سلامة بشكوى جزائية ضد الملازم حليم الجردي لاتهامه بإطلاق النار عمداً على ابنه. وأشار إلى أن ابنه أصيب قصداً من مسافة ثلاثة أمتار فاخترقت الرصاصة المطاطية صدره.



هكذا رحلت هدى مكسورة القلب

اتّصلت السيّدة هدى جمال الدين (51 عاماً) قبل أيّام بـ«الأخبار» راجيةً نقل صرختها للرأي العام. هدى كانت تقاسي سكرات الموت، فهي مصابة بالمرض الخبيث منذ سنوات. قالت إنّ روحها تأبى مغادرة جسدها النحيل قبل رؤية ابنها الموقوف دون محاكمة منذ نحو سنتين، والقاضي رفض الموافقة على إخلاء سبيله كي تتمكن من رؤيته. بكت هدى ورجتنا أن نساعدها كي ترى ابنها، لكن الموت كان أسرع منّا. فقد اتّصلت أمس قريبتها لتُخبرنا بأن هدى قد رحلت. رحلت دون أن ترى ابنها الوحيد. يُذكر أن ابن هدى يدعى حسن جمال الدين، وهو موقوف بجرم سرقة دراجات نارية منذ نحو سنتين دون محاكمة. علمت «الأخبار» أن قدميْ حسن لم تطآ أرض المحكمة قط رغم مرور سنتين على توقيفه.