في معظم المؤسسات في لبنان، وليس بالضرورة الضخمة منها، يُخصّص على مدخلها مكان اسمه «الأمانات». يضع الزائر في هذا المكان الأشياء التي يحملها، وخاصة تلك التي لا تسمح المؤسسة بإدخالها لأسباب أمنيّة أو غير ذلك. هذا الأمر لا يبدو أنه ينطبق على قصر العدل في بيروت، علماً بأن المكان ليس مجرد مركز لمؤسسة أو شركة، بل هو صرح يضم كبار القضاة وعنوان لسلطة قائمة بذاتها. لا يوجد في قصر العدل المذكور مكان مخصّص للأمانات، وبالتالي فإن سيئ الحظ من يذهب إلى هناك وهو يحمل جهاز كومبيوتر محمولاً (لاب توب)، أو أي شيء آخر مما تمنع القوى الأمنية إدخاله.
«ماذا أفعل، ليس لديّ سيارة حتى أعود وأضع الجهاز فيها، جئت بسيارة تاكسي، أين تريدني أن أضعه؟». هكذا سأل أحد الزائرين رجل الأمن، فجاءه الجواب: «ما فيني اعملّك شي، دبّر راسك، حطّه بشي محل أو دكانة في الخارج».
خاف الزائر أن يُسرق جهازه في حال وضعه لدى أحد غير موثوق، قبل أن يكتشف أن لا أحد يقبل أصلاً أن يبقي الجهاز لديه. أخيراً، قصد محطة البنزين قبالة قصر العدل، حيث قبل صاحبها أن يؤتمن على الجهاز، طالباً من صاحبه أن يضعه خلف المكتب لكي لا يأخذه أحد الزبائن. شكر الزائر صاحب المحطة، وهو يردّد: «قصر عدل! أيّ قصر هذا ليس فيه مكان للأمانات، دكانة وأقل».