إنها تمام الساعة السادسة مساءً، موعد انقطاع التيار الكهربائي بحسب برنامج التقنين الرسمي. حل الظلام فجأة، لبعض الوقت أمس، داخل «مركز عصام فارس» في منطقة سن الفيل، حيث كانت تُعقد ندوة بعنوان «متطلبات القضاء المستقل». أعيد التيار الكهربائي، فانفرجت أسارير الحاضرين، أبرزهم الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى القاضي غالب غانم، نقيب محامي الشمال بسّام الداية، النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جان فهد ومثيله في جبل لبنان القاضي كلود كرم، إضافة إلى مستشار المركز الدكتور رغيد الصلح.وُضعت سلطة القضاء على مشرحة البحث. فرأى القاضي غانم أن لا مبرر لجعل صلاحية وزير العدل تضاهي صلاحية المجالس المعنية في القضاء، أو تتقدم عليها، وأن «إبعاد ما هو سياسي عمّا هو قضائي قدر المستطاع، لا يفسد العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، ولا يحول دون تعاونهما». هكذا، أقرّ من كان في سدّة أرفع منصب قضائي في لبنان، بأن السياسة فاعلة في القضاء، رغم تشدّق أغلب السياسيين بالدعوة إلى الفصل بينهما. لذلك، دعا غانم إلى منح الهيئات القضائية العليا الاستقلال الإداري والمالي، وإلى العمل على إشاعة ثقافة استقلال القضاء «وترسيخها في أذهان أهل السياسة».
من منطلق خبرته، لفت غانم إلى أهمية توفير الأمان المادي والاقتصادي للقضاة. «القضاء المستقل سيظل حلماً إن لم يشعر القضاة بالأمان المادي، فهذا ما يقيهم مخاطر شتى». أثيرت خلال الندوة مسألة الرشى المنتشرة والإغراءات المنتشرة في المرفق القضائي، التي لم يعد بعضها خافياً على أحد، وخاصة أنه جرى تناول بعضها علناً في وسائل الإعلام سابقاً، وأحيل المتورطون فيها من قضاة وسواهم على الهيئات المختصة وصدرت بحقهم قرارات عقابية مختلفة، كانت حالة العزل (الطرد) التي سُجّلت نهاية العام الماضي أبرزها. وختم غانم بالإشارة إلى أنه قدّم قبل تقاعده مشروعاً يتعلق باستقلال السلطة القضائية إلى رئيس الجمهورية، بناءً على طلب الأخير، واصفاً المشروع بـ«الطموح والواقعي في آن واحد»، من دون أن يوضح أين أصبح هذا المشروع.
من جهته، دعا نقيب محامي الشمال بسّام الداية الجسم السياسي إلى «ترك القضاء يعالج أموره بنفسه، ذلك أن تدخّل أفراده يجعل من علاقة السلطة السياسية بالسلطة القضائية تشوبها المخاطر باستمرار»، لافتاً إلى أن ذلك لا يعني عدم تعاون السلطة القضائية مع سائر السلطات على وجهي الاستقلال والتكامل. تطرّق الداية، الذي بدا عليه الانفعال بسبب الإساءة إلى القضاء، إلى مسألة «سكوت المسؤولين القضائيين» عن اتخاذ موقف حاسم من الإساءات أو تقصير الجسم القضائي في بعض الملفات، منها «استشهاد القضاة الأربعة في صيدا؛ لأن هذا يضعف ثقة المواطن بالقضاء». أورد الداية أسباباً أخرى أيضاً لتراجع الثقة بالقضاء، أبرزها «العدل البطيء» الذي ينعكس على أوضاع السجون، الذين يجب إيلاؤهم الاهتمام اللازم على الصعد الإنسانية والاجتماعية، إضافة إلى موضوع التوقيف الاحتياطي وتخفيف الاكتظاظ. ختم الداية كلمته قائلاً: «يجب قطع الحبل السري بين وزارة العدل والقضاء، هذا هو الحل برأيي لكثير من مشاكل القضاء». بعد كلمتي غانم والداية، شهدت الندوة نقاشاً لبعض ما جاء فيها. هكذا، بمناقشة مسألة الاستقلالية، انتهت الندوة التي تناولت «السلطة القضائية».
2 تعليق
التعليقات
-
نشكر الله بانه جرى الكلام عننشكر الله بانه جرى الكلام عن تدخل السياسة في القضاء لان بعض الاشخاص الماجورين لدى السياسيين باتوا يعرفون الحكم قبل المحامي واكثر من ذلك تكلموا عن الشفافية في مباراة تعيين المحامين قضاة اصيلين علما بان الجميع يعرف بان من اختيروا كان ورائهم سياسييون وما زلنا نتكلم عن الشفافية هاتوا غيرها وبعدين شو ناقص القاضي اذا اولاده يتعلمون ببلاش في احسن المدارس وشوفير له وطبابة ببلش وراتب اخر الشهر مهما كانت قيمته لديه راتب اخر الشهر احسن من المحامي اللي بدو ينتظر الدعوى تتخلص والمباشر والموكل واخر الشي بيقولولو انت ما عملت شي حكينا مع الساسي قلان ومع فلان نتمنى على النقباء ان يتكلمو عن هموم المحامي ام انهم لا يعيشون عذابات المحامي
-
القضاء المستقل العادللست بوارد الرد على ما قاله او الشهادة التي ادلى بها احد كبار القضاة عن تدخل السياسة بالقضاء ولكنني اود ان اعرف متى ننتهي من سياسة الإعتراف بالحقيقة بعد الخروج من كرسي المنصب التي يتبعها كل من شغل منصب قضائي في الدولة اللبنانية؟ لماذا لم يقم احد من القضاة ليرفع الصوت العالي ويقول انا ارفض ؟ طالما ان راتبه لن يتغير وسيبقى كما هو في حال شغل منصب رئيس محكمة او مستشار او حتى منصب اداري في الوزارة او كقاض ملحق في وزارة العدل. لماذا لا احد منهم يرتضي ان يكسب نفسه ويحترم ذاته الإنسانية؟ القضاء المستقل الكفء والعادل ليس بحاجة فقط لقوانين ونصوص تعزز استقلاله، هذا القضاء يحتاج الى الإعنتاء بتكوين قيم ومبادئ القاضي المستقل في ذاته وفي داخله المؤمن بانه غير موظف عند احد، القاضي الذي يتبنى ثقافة الرفض وجرأة قول كلمة الحق كما القاضي جون القزي وغيره الكثيرون. قاض في الجنة وقاضيان في النار، والذي في الجنة رجل علم فقضى به..واللذان في النار رجل قضى على جهل..ورجل علم بالحق وقضى خلافه فكم قاض في الجنة وكم قاض في النار من قضاة لبنان؟