صور| «فليهدئ من روعه، كل من يخشى رد فعل الأهالي الغاضبين في حي المساكن الشعبية في صور، على قتل اثنين منهم صباح أول من أمس. فلا المخافر هوجمت كما أُشيع، ولا الطرقات قطعت بالإطارات المشتعلة، ولا عناصر الجيش المتهمين بإطلاق النار تعرضوا للأذى». هذا ما يردده المتابعون لقضية مخالفات البناء، وخاصة بعد تطور عمليات قمعها أمس بما أدى إلى وقوع قتيلين. رد الفعل جاء على النحو الآتي: ورش البناء المخالفة التي سببت محاولةُ القوى الأمنية والجيش قمعَها إراقةَ الدماء، زادت في الحي أضعافاً وأضعافاً. أهالي حداثا الحدودية أقفلوا الطريق العام بالإطارات المشتعلة وبالعوائق الحديدية احتجاجاً على مقتل ابن البلدة علي ناصر في أحداث يوم أمس في المساكن الشعبية، وطالبوا بالإسراع في إعلان نتائج التحقيق وتحديد المسؤوليات في مقتل ناصر. عصر أمس، تواصل تقديم العزاء في بيت أسرة الضحية الفلسطيني وسام الطويل في المساكن. بيت العزاء امتد تحت شادر وسط عشرات ورش البناء المخالفة التي استأنفت أعمالها صباح أمس.
كان النائب علي خريس قد قدم العزاء لعائلة الطويل، متوعداً بأن «دماء وسام وعلي لن تذهب هدراً، ولا بد من الوصول إلى الحقيقة». حتى مساء أمس، كان قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبي لا يزال يواصل تحقيقاته في ملابسات الحادث الذي وقع في المساكن، حيث يُتهَم عناصر من الجيش بإطلاق النار، وقد استكمل استجوابه لعناصر الدورية التي نزلت لمؤازرة قوى الأمن الداخلي التي يسجل عنها إطلاق النار. بحسب مطّلعين، سيُفضي التحقيق «إلى اتهام عناصر معينين، لتورطهم بقتل مواطنين بخلاف ما نصت عليه الأوامر من أن الجيش ينزل إلى الأرض لدعم الدرك في قمعهم المخالفات، لا لتقدم المسيرة».
يوماً بعد يوم، يتكشف مدى تورط بعض العناصر الحزبيين والبلدية في المخالفات. ففي بلدة الزرارية، لا يزال حسين م. بعيداً عن قبضة القوى الأمنية، رغم صدور بلاغات بحث وتحرٍّ بحقه بسبب تعديه على الأملاك العامة في خراج بلدته الزرارية. اللافت أن بلاغات عدة قد سطرت بحق حسين، فيما لم يؤت على ذكر المخالفين الآخرين الذين تزدحم بهم البلدة منذ اندلاع انتفاضة المخالفات.
في طيردبا، تتفاعل قضية ابن البلدة علي جعفر حمود الذي لا يزال موقوفاً لدى النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب. كان مخفر معركة قد أرسل بطلبه مساء الأربعاء للتحقيق معه في بيان وزعه على الأهالي ينتقد فيه «انتهاك المشاعات وسيادة منطق المحسوبيات والواسطة، بحيث يُتغاضى عن النافذ في البناء المخالف، فيما يُستقوى على الضعيف والفقير». ويحمّل البيان القوى الأمنية والأحزاب المحلية المسؤولية عن تفشي الظاهرة، علماً بأن البلدة تشهد منذ أيام تحركات احتجاجية ضد قوى الأمن خلال محاولتها قمع المخالفات التي تفشت فيها. ويتساءل الأهالي عن «جدوى توقيف حمود وتهمته، وخصوصاً أنه لم يشارك في المخالفات»؛ فهو «معلم عمار رفض التزام أي ورشة مخالفة». هؤلاء لا يخفون نيتهم بتصعيد الاحتجاجات إذا استمر توقيف حمود.
لمواجهة تفاقم الأمور، اجتمع مجلس الأمن الفرعي في الجنوب استثنائياً أمس في سرايا صيدا الحكومية برئاسة محافظ لبنان الجنوبي نقولا بو ضاهر وحضور النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي سميح الحاج وقائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد منذر الأيوبي. وخلص الاجتماع إلى «تأكيد متابعة الخطة الآيلة إلى قمع المخالفات». ولم ينس المجتمعون أن يأسفوا للأحداث التي وقعت في المساكن، متوجهين بالتعزية إلى أهالي الضحيتين «اللذين سقطا من دون قصد». الأيوبي حرص على «التنويه بمؤازرة الجيش اللبناني لقوى الأمن»، مؤكداً أن «الخطة لن تتوقف، وستشمل جميع المناطق ضمن الحرص على تطبيق القانون بحزم».