حلقة تمرّد السجناء في مسلسل رومية، الذي لا ينتهي، باتت بمثابة محطة شبه دائمة يجدر التوقّف عندها. مطالب السجناء باتت معروفة. قُطعت العهود والعمل جارٍ لتحقيقها. الكارثة كبيرة والنهوض بالسجن مهمّة شبه مستحيلة. صورة الواقع باتت واضحة أمام المسؤولين، الذين أُلقيت على كواهلهم هذه المسؤولية، أما ما يتعلّق بالسجناء القابعين في أروقة السجن، فمن المؤكّد أنّ حياتهم لا تُطاق. فقد كان يُرثى لحال السجن المركزي قبل اقتحامه وإحراقه، فكيف بالأمور بعدما استحال معظم ما فيه رماداً. عند منتصف أوّل من أمس، شُغلت هواتف عديدة باتصالات واردة من نزلاء في سجن رومية المركزي يستغيثون. أخبر هؤلاء عن تجدد التمرّد في كلٍّ من المبنيين «ب» و «د». نقلوا أن عدداً من السجناء أضرموا النيران في عدد من غرفه التي لا تزال أبوابها مخلّعة. تحدثوا عن وجود رهائن، وتوعّدوا بأن هذه المرّة لا تُشبه سابقاتها. كانت عقارب الساعة تُشير إلى الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل منتصف الليل. أُخطر آمر السجن المركزي المؤقت العقيد عامر زيلع بما جرى لتبدأ المفاوضات لإنهاء التمرّد القائم. المفاوضات لم تصل إلى خواتيم إيجابية، بعدما كان بعض السجناء قد أشعلوا النيران في مبنى الموقوفين «د» داخل السجن المركزي، وتمدد الشغب عند الساعة الثانية فجراً إلى المبنى «ب». لقد أحرق السجناء المتمردون فرشهم وأمتعتهم، وبدأوا بتكسير محتويات السجن وتخريبها.وبحسب أحد الضبّاط في قوى الأمن الداخلي، فإن عدم تجاوب السجناء المتمرّدين، وسماع استغاثة عدد من السجناء الذين رفعوا أصواتهم بأنه لا علاقة لهم بالتمرّد الحاصل، وورود اتّصالات على هواتف عدد من الضبّاط تفيد بأن السجناء المتمرّدين يُهددون السجناء الرافضين للتمرّد، جعلت جميعها المسؤولين يقررون المضي في خيار اقتحام السجن، تلافياً لأخطار هذا الواقع وحفاظاً على أمن السجناء وسلامتهم، حيث عُلم أن عدد السجناء المتمردين قليل. بناءً على المعطيات المتوافرة، تدخلت قوة من مكافحة الشغب وفرقة الفهود لإنهاء الفوضى داخل السجن، حيث أعيد السجناء إلى غرفهم.
ووفق الوكالة الوطنية للإعلام: «بعد أربع ساعات امتدت من منتصف الليل حتى الرابعة فجراً، تمكنت قوة من وحدة الفهود في قوى الأمن الداخلي، وبعد إنذارات للسجناء في المبنيين «ب» و«د» من قمع المتمردين، وإخماد الحرائق التي أشعلوها بفعل إحراق عدد من الفرش والأغطية». مسؤول أمني رفيع ذكر لـ«الأخبار» أن خيار الاقتحام اتُّخذ بعدما باءت محاولات إقناع السجناء المتمرّدين بإنهاء التمرّد. ولفت المسؤول المذكور إلى أنّ مسألة استسلام السجناء المتمرّدين لم تتجاوز نصف ساعة، في إشارة منه إلى أن عدد المتمرّدين لا يتجاوز أصابع الأيدي. أُعيد الوضع إلى طبيعته عند الرابعة والنصف، ليبدأ تنظيف الزنازين من آثار الحريق، بعدما عاد الهدوء إثر موافقة السجناء على التزام الغرف المخصصة لهم. وعُلم أن السجين ر. ق. أُصيب خلال مقاومته العناصر وتهديده حياتهم، بعدما شهر «ساطوراً بوجه أحد الضبّاط».
وقد نُقل إلى المستشفى للمعالجة. وفي هذا السياق، ذكر المسؤول الأمني لـ«الأخبار» أن العملية لم تُؤدِّ سوى إلى إصابة السجين المذكور، إضافةً إلى السجين ع. ن. أما صباح أمس، فقد أُريد له أن يكون عادياً ليُعبّر عن حُسن نيات القوى الأمنية، بعدما سُمح بأن تجري المواجهات بين الأهالي والسجناء كالمعتاد.
يُشار إلى أن الحال الصحية للسجناء المصابين نتيجة الاقتحام الأول تتدهور في ظل فقدان العناية الطبية.



تضامن

كالمعتاد أراد الأهالي أن يثوروا احتجاجاً على ما يجري مع أبنائهم داخل أروقة السجن، لكنّ سفير منظمة حقوق الإنسان علي عقيل خليل، والشيخ أحمد العزير، تولّيا تهدئة الأهالي لمنعهم من قطع الطريق أمام سجن رومية المركزي. نجح الوسيطان في تهدئة الأهالي عند ساعات الفجر الأولى، لكن ذكرت بعض الوسائل الإعلامية أن المواطن ح. أ. أشعل عدداً من الإطارات في محلة حي السلم عند الثانية والنصف فجراً. وقد أمسك المواطن المذكور شفرة بعدما هدّد بخلع ثيابه، وبذبح نفسه في حال الاقتراب منه، مطالباً بالإفراج عن شقيقه، الذي يقضي محكوميته في سجن رومية بجرم الاتجار وتعاطي المخدرات. وذكرت المعلومات أنّ قوة من الأمن الداخلي حضرت إلى المكان، فسارع عدد من ذويه إلى إبعاده وإخفائه بعد سحبه عن الطريق.