كرة ثلج مخالفات البناء لم تتوقف بعد. يُقال إنها ستبقى تتدحرج حتى يُنهي المخالفون ما بدأوه. فبعد الانفجار الذي حصل في المساكن الشعبية في صور وأدّى إلى سقوط ضحيتين، دُقّ جرس الإنذار فغسل الجميع أيديهم من آثام المخالفين، وأعلنوا براءتهم منهم طالبين من القوى الأمنية القيام بواجبها وقمع هذه المخالفات التي لا يرضى عنها أحد. القوى الأمنية وحيدة على أرض الواقع، فليس بالكلام وحده يُرفع الغطاء عن المخالفين. الكرّ والفرّ سيّدا الموقف بين القوى الأمنية والمواطنين المخالفين. فما إن يصل الخبر إلى أسماع رجال الأمن بأن مخالفة بناء تُشاد في محلّة ما، حتى يُسارع هؤلاء إلى المكان المذكور بقصد قمعها. يصلون إلى المكان المنشود لتبدأ المفاوضات في محاولة لإزالتها، لكنها غالباً ما تفشل. أما إذا أصرّ عناصر القوى الأمنية على قمع المخالفة الحاصلة، فإن الردّ سيكون جاهزاً. إذ يلجأ المخالفون الى تطبيق خطوات السيناريو الذي بات مألوفاً لدى الجميع. يتجمهر نسوة وأطفال أمام جرّافة القوى الأمنية فيشكّلون حائطاً بشرياً يحول دوماً دون إتمام المهمّة المكلّف بها هؤلاء. تكرار ما ذُكر لن يُضيف شيئاً إلى قضية باتت قضية الرأي العام. فأعمال البناء لا تزال جارية على قدم وساق، وفق وصف ضبّاط أمنيين. إذ يحكي هؤلاء عن أمر واقع بات مفروضاً عليهم، فهم لا يستطيعون شيئاً إزاء ما يُبنى.
الأنظار تركّزت على كل من مناطق الجنوب ومحلة الأوزاعي، لكن هناك أماكن أخرى لا تزال تشهد كمّاً كبيراً من مخالفات البناء. فمحلّتا الليلكي والشويفات شهدتا عدداً من المواجهات بين القوى الأمنية والمواطنين المخالفين، كان آخرها ما حصل الاثنين الماضي عندما تعرّض آمر فصيلة الحدث لاعتداء بالضرب مع عدد من العناصر عند محاولتهم إزالة مخالفة بناء في محلة الليلكي. تلك الحادثة نجم عنها إصابة الرائد إدمون جبّور بحجر في وجهه، أدى إلى تقطيب أُذنه أكثر من قطبة. الحادث المذكور لم يكن الوحيد في تلك المحلّة، لكنه كان الأبرز. مرّ نحو أسبوعين على تلك الحادثة وما تلاها من تطورات على هذا الصعيد، لكن المخالفات لا تزال على حالها، بل ارتفعت وتيرتها. وبحسب مراقبين، فإن المخالفين في محلة الليلكي يُكملون ما بدأوه. كذلك هي الحال في محلة صحراء الشويفات، فأعمال البناء مستمرة أيضاً، لكن بسلام. تأزّم الوضع منذ أكثر من عشرة أيام بعد إطلاق المواطنين المخالفين النار على سيارة عناصر قوى الأمن. يومها انسحب العناصر المكلّفون قمع المخالفة إفساحاً في المجال أمام المواطنين لإكمال ما بدأوه. يتحدّث عدد من الضبّاط لـ«الأخبار» عمّا يجري. فيُسرّون بأنهم لا يملكون زمام وقف المخالفات، إذ إنّ القرار السياسي غائب كليّاً رغم إعلان كل من حركة أمل وحزب الله رفعهما الغطاء عن المخالفين، في ظل تمنّي قيادتهم عليهم إنهاء الأمور «بالتي هي أحسن وبأقلّ الخسائر الممكنة». فبنظر هؤلاء الضبّاط رفع الغطاء يفرض على المسؤولين الحزبيين التدخّل لمساعدة القوى الأمنية، بما يملكون من سلطة معنوية، على إيقاف بناء المخالفات. وبالتالي، لا يكون الحلّ إلا إذا نزل الفرقاء السياسيون مع القوى الأمنية لقمع
المخالفات.