أوقفت دورية تابعة للجيش الأسبوع الماضي رجلاً أمام محل معدّ لبيع أسلحة الصيد في ساحة شتورة. شاهد عيان صودف مروره في المكان، قال لـ«الأخبار» إن عملية التوقيف انتهت في لحظات على يدي عناصر الدورية، الذين كانوا يستقلون سيارتين عسكريتين، وذلك قبل دخول هذا الرجل الى المتجر المذكور. صاحب المتجر نفى معرفته بالموقوف، وأكد بالتالي عدم علمه بالأسباب التي أدت الى توقيفه. عملية التوقيف أعادت إلى الأذهان أسئلة كثيرة عن عمليات بيع الأسلحة، وجالت «الأخبار» على عدد من محال بيع أسلحة الصيد في البقاع، للوقوف على حقيقة مدى التزام أصحابها بالتعميم الذي صدر عن السلطات الأمنية اللبنانيّة، التي كانت قد طلبت من أصحاب هذه المحال ضرورة عدم بيع أي قطعة سلاح لأي شخص، قبل التأكد من هويته وكل المعلومات عنه، وبالتالي إبلاغ الأجهزة الأمنيّة عند الاشتباه في أي شخص يحاول شراء كميات كبيرة من هذه السلع، علماً أن هذه التدابير والإجراءات، جاءت على خلفيّة الأحداث التي تجري في سوريا، وما تتناقلته وسائل الإعلام عن تهريب كميات من الأسلحة من لبنان الى الأراضي السورية، عبر المنافذ البريّة بين البلدين، ومن بينها أسلحة الصيد، وبالأخص تلك المعروفة بـ«بومب أكشن». وكانت السلطات الأمنية السوريّة واللبنانيّة عند طرفي الحدود، قد ضبطت في أوقات ومناطق مختلفة، كميات من هذه الأسلحة، وذلك أثناء محاولة إدخالها الى سوريا، عبر أشخاص لبنانيين وسوريين، ألقي القبض على عدد منهم، وفق ما نُقل عن مسؤولين أمنيين وما نشرته بعض وسائل الإعلام.
من اللافت لدى الحديث مع العاملين في قطاع بيع الأسلحة حرصهم الشديد على عدم كشف هوياتهم. صاحب محل لبيع أسلحة الصيد في زحله أوضح لـ«الأخبار» أن بيع أي قطعة سلاح صيد لأي زبون، كان يخضع أصلاً، وقبل صدور التعميم، الى إجراءات روتينيّة وفقاً للأصول والآليات القانونية المعتمدة عادةً، وذلك من خلال تدوين كل المعلومات عن المشتري وهي تتضمن: كل هويته، رقم هاتفه، عنوانه إذا أمكن، نوع السلاح، رقمه، بلد المنشأ، وأخيرأ تنظيم فاتورة يدرج فيها تاريخ البيع والسعر، ليضيف «أما الزبائن الذين يأتون من خارج المنطقة، فإننا نطلب منهم إبراز هوياتهم، ونحتفظ بصورة طبق الأصل عنها». وعن وضع السوق قال إنه «من سيئ الى أسوأ، والحركة تكاد أن تكون معدومة، وبالأخص في الآونة الأخيرة».
الجمود في سوق بيع أسلحة الصيد ينسحب الى شتورة، أحد أصحاب هذه المؤسسات قرر على نحو قاطع، عدم بيع أية بندقية صيد لزبائن من خارج المنطقة ولا يعرفهم شخصياً، وقال إنه بدأ منذ شهر تقريباً، بإعلام الأجهزة الأمنيّة اللبنانية عن هوية الأشخاص الذين يبتاعون هذه البنادق. اللافت ما أشار إليه صاحب متجر آخر وهو «أنه لا لزوم للتشدد في مراقبة عمل محال بيع أسلحة الصيد وروادها، فالكلام عن تهريب بنادق البومب أكش من لبنان الى سوريا أمر لا يقارب الحقيقة، إذ إن ما يصلنا من معلومات يفيد بأن معظم كميات بنادق البومب أكشن الرخيصة السعر تصنّع في تركيا، وتدخل الى الأراضي السورية، إما بطريقة قانونيّة عبر الحدود الشرعيّة، أو تهرب عبر المنافذ البريّة بين البلدين، بأسعار لا تتجاوز 100 دولار»، ويضيف «إن هذه البندقية نفسها، المصنعة في تركيا، تباع في لبنان بسعر يراوح بين 180 و200 دولار».



أساليب «مافيوية»

يصرّ أصحاب متاجر بيع أسلحة الصيد في البقاع على النأي بـ«تجارتهم» عن الأخبار التي جرى تداولها حول عمليات تهريب كميات من الأسلحة الى الداخل السوري. أحدهم علّق ساخراً على الخطوات التي يعتمدونها عند عمليات البيع «صار بدنا نعمل فيش وتشبيه لكل زبون يدخل الى محلنا لشراء بندقية صيد «، في إشارة الى التسمية المعتمدة في مصر، للتثبت من هوية الأشخاص الذين يخضعون للتحقيق في المركز الأمنية هناك، أو ما يعرف في لبنان، بمراجعة مكتب التحريات، للاستعلام عن سوابق الذين يخضعون للتحقيقات القضائية. أصحاب المتاجر، البعيدون عن أية شبهة، والعارفون بأحوال تجارة الأسلحة يشددون على هذا الأمر، ويلفتون إلى أن ثمة تجاراً يعملون بطريقة غير شرعية وبأساليب «مافيوية» وهؤلاء هم من تدور حولهم الأسئلة.