البقاع | أسفر إعلان السلطات السورية أن الأمور عادت إلى طبيعتها في مدينة درعا وضواحيها، وما عرضه التلفزيون السوري عن أن الحياة في درعا تختلف عما تعرضه «القنوات الفضائية العربية والعالمية»، عن إرتياح لدى العمال السوريين الموجودين في لبنان، إذ رأى هؤلاء في الخبر «بصيص أمل للعودة إلى ديارهم والاطمئنان إلى ذويهم عن قرب». تمنيات العمال لم تكن على مستوى ما أعلنه الإعلام السوري الرسمي، فالأمور عند الحدود السورية تختلف عمّا ظنّوه. الروايات التي ينقلها سائقو السيارات والفانات العمومية اللبنانية الداخلة إلى الأراضي السورية، تحكي عن تضييق تفرضه أجهزة الأمن التي ترابض تحت جسر الصبورة الكائنة بعد الحدود السورية وقبل الدخول إلى مدينة دمشق، كل يوم جمعة.السائق اللبناني راغب م. توقف عن العمل مؤقتاً معيداً أسباب رفضه العمل هذه الأيام على خط شتورا ـــــ دمشق، إلى ما تعرض له أثناء انتقاله إلى سوريا بـ«فانه العمومي». فراغب كان يُقل «طلبية» مؤلفة من 12 راكباً، غالبيتهم من الحسكة ودير الزور، إلى كراجات «البولمانات» في حرستا داخل دمشق حيث سينتقلون من هناك إلى الحسكة وباقي المناطق السورية الشمالية عبر الباصات المخصصة لذلك. يذكر الرجل أنه فور وصوله إلى منطقة الصبورة، فوجئ بحاجز أمني تحت الجسر، أشار عليه عناصره بالتوقف طالبين منه ومن جميع الركاب الترجّل على الأرض. يروي السائق لـ«الأخبار» أنهم تحققوا من هويات الركاب وصادروا كل أجهزة الهواتف الخلوية الموجودة معهم. ويُكمل السائق راغب، «دون مقدمات وأعذار، اقتادني عناصر الأمن العسكري وجميع الركاب، إلى فرع أمني تابع لجبل قاسيون». يذكر أنه كان يوجد أربعة سائقين لبنانيين غيره، استبقوهم نحو ست ساعات، حققوا معهم خلالها فسألوهم عن أسباب الزيارة، والمكان المقصود والهدف من زيارة حرستا. كذلك ركّزوا أسئلتهم على أصحاب الأرقام السورية الموجودة في الهاتف، وعلى نوع العلاقة بهم.
حال راغب لم تكن أفضل من حال محمود خ. الذي تعرض للتحقيق وسُحبت الشرائح الرقمية من هاتفه أسوة بغيره من السائقين. محمود المذكور يروي أنه اقتيد وركابه في سيارته العمومية من منطقة الصبورة في ريف دمشق إلى مركز عسكري، أثناء توجهه إلى كراج السومرية الذي يُستخدم موقفاً للسيارات العاملة على خط بيروت ـــــ دمشق. كان يُقل امرأتين وشاباً ورجلين في العقد الخامس من عمرهما. يقول إنه تعرض «للإهانة»، قبل إطلاق سراحه بعد خمس ساعات من التوقيف، حيث صادروا منه بطاقة الخط السوري وشريحة الذاكرة.
أما حال العمال الدرعاويين، فقد بدت واضحة أمس في ساحة شتورا، في البقاع الأوسط، من خلال مشهد تنقلهم من سيارة أجرة سورية إلى أخرى بهدف نقلهم إلى سوريا. فسائق السيارة السورية العمومية، أبو أنس، بدا تصرفه مع ثلاثة عمال أقرب إلى تصرف رجل أمن منه إلى سائق، فقد طلب منهم هوياتهم الشخصية لمعرفة من أي منطقة في درعا هم. فرد عليهم «أخي درعا المحطة، وإزرع وإنخل وجاسم والصنمين، ما فيكم تدخلوا سوريا حالياً». لم يقنعهم رد السائق، لأن الإعلان الرسمي السوري قال إن الحياة في درعا عادت إلى طبيعتها، فاعتمد العمال الثلاثة أسلوب انتقالهم إلى السوق الحرة، ومن هناك يعبرون إلى الأمن العام لمعرفة ما إذا كان سيسمح لهم بالدخول أو تُطلب منهم العودة.
في المقابل، ثمة من السائقين اللبنانيين من يؤكد أنه لم يتعرض لأي مضايقات، لكن وتيرة عمله تراجعت. عدد كبير منهم توقف عن العمل أيام الجمعة، فضلاً عن أن عدد الركاب على طريق بيروت ـــ دمشق انخفص طوال أيام الأسبوع، مقارنة بما كانت عليه الحال قبل شهرين. وبين هؤلاء السائقين مَن لا يزال مستعداً لنقل ركابه إلى العاصمة السورية ليل نهار، مؤكداً أن الطريق إلى دمشق آمنة. «فلقمة العيش لا تحتمل الانتظار».



لقطة

بداية شهر نيسان، كانت إدارة الهجرة والجوازات التابعة للأمن العام السوري في جديدة يابوس قد منعت دخول عمال سوريين من أصل «درعاوي» ممن هم دون الـ40 عاماً، العائدين إلى ديارهم من لبنان. كان ذلك خلال مراحل متفرقة، على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي كانت شرارتها من مدينة درعا. حينها عاد كثيرٌ من العمال من الحدود اللبنانية ـــــ السورية بعدما منعت السلطات السورية دخولهم، على أن يسمح لهم بالدخول لاحقاً. أما مع بداية دخول الجيش السوري إلى درعا وحصارها، فقد مُنع الدرعاويون الموجودون في الخارج من الدخول إلى الأراضي السورية، تحسباً لمشاركتهم في التظاهرات وللحؤول دون ذلك. المعلومات المذكورة أكدها لـ«الأخبار» عمال سوريون وسائقون يعملون على الخط اللبناني ـــــ السوري. غير أن هذه الإجراءات المشددة داخل الأراضي السورية أدت إلى تراجع ملحوظ على خط التجارة المتبادلة بين تجار لبنانيين وسوريين، وكذلك الأمر على خط التهريب.