اتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه أول من أمس، أمام المؤتمر السنوي لمنظمة «إيباك»، التي تعدّ أبرز لوبي يهودي في الولايات المتحدة، حزب الله بالاغتيال السياسي وامتلاك الصواريخ وتفجير السيارات المفخّخة، قائلاً: إن الحزب «يمارس الاغتيال السياسي، ويسعى إلى فرض إرادته من خلال الصواريخ والسيارات المفخخة». بدا اتهام أوباما لحزب الله «بالاغتيال السياسي» إعلاناً مسبقاً عن مضمون القرار الاتهامي في قضية اغتيال رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
وكان المدعي العام الدولي دنيال بلمار قد أودع قاضي الإجراءات التمهيدية دنيال فرانسين القرار الاتهامي في 17كانون الثاني 2011، وأودعه نسخة معدّلة عنه في 6 أيار الجاري. ويُشغل القاضي فرانسين مذّاك بدراسة «الأدلة الجنائية» التي استند إليها الاتهام. وعلمت «الأخبار» أن القاضي طلب من بلمار تزويده مزيداً من المعلومات عن خلفية بعض الشهود وبعض «العناصر المؤيدة» للاتهام، وعن المنهجية التي استُخدمت لجمع بعض الأدلة المادية المذكورة في ملفّ الاتهام. ويبحث فرانسين في دقّة المعلومات الشخصية المذكورة عن المشتبه فيهم، ويدقّق في«وقائع القضية والجريمة المنسوبة الى المتهم»، التي يتضمنها القرار (بموجب الفقرة دال، المادة 68 من قواعد الإجراءات والإثبات).
القاضي بصدد الحسم في ما «إذا كان هناك، بصورة أولية، أدلة كافية لملاحقة المشتبه فيهم»، ولم يؤكد المسؤولون في لاهاي إذا كان قد طلب من بلمار تقديم عناصر إضافية مؤيدة لإحدى التهم أو لها جميعها، لكن رئيس دائرة الادعاء في مكتب بلمار داريل مندس ورئيس دائرة التحقيق مايكل تايلور عملا منذ تقديم النسخة الأولى من الاتهام على جمع «أدلة» إضافية، وضمّ عدد من الشهود إلى ملفّ الاتهام، في مسعى منهما لإقناع القاضي بتصديق القرار. وعلمت «الأخبار» أن مضمون القرار الاتهامي قد تسرّب إلى البيت الأبيض عبر قنوات استخبارية ودبلوماسية مقرّبة من بعض المحققين في مكتب بلمار، وبالتالي استند جون فافرو، كاتب خطابات الرئيس أوباما، بحسب مصادر «الأخبار»، إلى نصّ كان قد أُحيل عليه يشير الى أن «الخلاصات الأولية للتحقيقات الدولية تشير الى ضلوع حزب الله في اغتيال الحريري».
لكن أحد المقرّبين من القاضي فرانسين أكّد أمس عبر الهاتف من لاهاي أنه غير معني بما صدر عن الرئيس الأميركي أخيراً، وأنه «لن يتأثر بما يصدر عن سياسيين». أما بشأن اعتبار البعض أن استباق أوباما إعلان القرار الاتهامي عبر توجيهه إصبع الاتهام الدولي باتجاه حزب الله، خلال مؤتمر للوبي اليهودي في الولايات المتحدة، عنصراً من عناصر الضغط على القاضي البلجيكي، فيرفضه هذا الأخير رفضاً قاطعاً. «قيل الكثير عن ضغوط تعرّض لها القاضي فرانسين في قضية السيد جميل السيد، لكن في النهاية اتخذ القاضي القرار بحسب ما يقتضيه القانون ومعايير العدالة»، لكن على الرغم من ذلك الاستعراض بصدقية القاضي، لا بدّ من الإشارة الى أن بلمار كان قد طلب، بموجب المادة 74 من قواعد الإجراءات والإثبات منه «أن يأمر بعدم إعلان قرار الاتهام للعموم، أو أية مستندات أو معلومات مرتبطة به»، علماً أنه «يجوز للمدعي العام إعلان قرار الاتهام أو جزء منه لسلطات دولة معينة (إسرائيل؟) إذا رأى في ذلك ضرورة لغرض التحقيق أو الملاحقة». وبالتالي يتوسّع هامش التلاعب السياسي بمضمون القرار الاتهامي... على طريقة أوباما.



ماذا بعد الاتهام؟

بعد تصديق القاضي دنيال فرانسين تهمة واحدة أو جميع التهم الواردة في قرار الاتهام، يمكنه إصدار دعوة بالحضور أو مذكرة توقيف، و«يصبح المشتبه فيه متهماً» (بموجب المادة 68 من قواعد الإجراءات والإثبات)، لكن يُمكن أن يقدم الدفاع طعناً في قرار الاتهام أمام دائرة الاستئناف، إلّا أن ذلك لا يمنع مباشرة
رئيس القلم هيرمان فون هابيل (الصورة) إعداد نسخ مصدقة من قرار الاتهام، تمهيداً لتبليغها المتهم مباشرةً أو عن طريق وكيله أو
لصقاً. أما إذا رد القاضي فرانسين أي تهمة من التهم الواردة في قرار الاتهام، فيمكن المدعي العام أن يودع بعد ذلك اتهاماً معدلاً، أو أن يدرج التهمة نفسها في قرار اتهام لاحق، على أن يتضمن هذا القرار عناصر مؤيدة جديدة.