طرابلس | ليست هذه المرة الأولى التي تخرج فيها الخلافات بين رئيس بلدية طرابلس، نادر غزال، وبعض أعضاء المجلس البلدي إلى العلن، إذ إن الشكاوى والاعتراضات على أداء «الريّس» كانت تتسرّب تدريجاً إلى خارج الجدران الأربعة للبلدية، وذلك بعد فترة وجيزة على تسلّمه مهماته، قبل أن تتسع دائرتها لتصبح حديث الشارع والأوساط السياسية ووسائل الإعلام، وخصوصاً الصحف المحلية.إلا أنّ الأزمة الحالية تهدّد بإحداث انشقاق كبير في بلدية طرابلس، وليس معروفاً بعد إلى أين ستصل، وسط تساؤلات عن احتمال امتداد عدوى ما حدث في جارتها بلدية الميناء إليها، إذ سارع السياسيون المعنيون إلى لملمة الخلافات وتقريب وجهات النظر بين رئيس البلدية محمد عيسى وأعضاء يشكون من أدائه البلدي، ما دفع بعضهم إلى الاستقالة وآخرين إلى التهديد بحلّ المجلس البلدي إذا بقي الوضع على حاله.
فمع اقتراب موعد مرور سنة على تسلّم غزال مهماته، ارتفعت حدّة الانتقادات الموجهة إليه، إلى درجة بات معه لا يمرّ أسبوع إلا تحفل الصحف المحلية الصادرة في المدينة بمقال انتقادي له، أو بمقابلة مع أحد أعضاء البلدية الذين لا يتردّدون في التعبير عن استيائهم منه، برغم توزّعهم على تيارات سياسية متناقضة، ما يجعل الحملة عليه غير سياسية.
فرئيسة اللجنة الاجتماعية والتربوية في بلدية طرابلس سميرة بغدادي لفتت في حديث إلى جريدة «البيان»، الى أن «الأداء البلدي بعد مرور سنة هو أداء سلبي. كانت طموحاتنا أكبر، لكنها لم تتحقق. ولم أستطع فهم رؤية رئيس البلدية لمدينة طرابلس ولمستقبلها»، مشيرة إلى أن غزال «أخذ على عاتقه منذ البداية معالجة ملفات أزمة السير وفوضى البسطات، ولكن لم يجر اجتراح الحلول لأيّ من هذه الملفات». وإذ اتهمت بغدادي غزال بأنه «قام بعملية تصنيف للأعضاء وفق رأيه الخاص»، وأنه «في ظلّ وجود سياسة كهذه من قبل رئاسة البلدية، فإن المدينة تسير إلى الوراء»، رأت رئيسة اللجنة الثقافية فضيلة فتال في حديث نشرته جريدة «التمدّن» أن غزال «يستثني من اللقاءات والاجتماعات مع فاعليات في المدينة الأعضاء المعارضين له»، واتهمته «بتنظيم حملة تبرعات لجمع 75 ألف دولار لتنظيم مهرجان زهر الليمون، بذريعة عدم وجود أموال في البلدية، علماً بأنه ينوي شراء ست سيارات رباعية الدفع موديل 2011 قيمتها 400 ألف دولار!؟».
فتال التي تمنّت على غزال أن «تكون لديه الجرأة فيُسمّي مَن مِن السياسيين يتدخل في عمله حسب قوله»، لم تتوقف كرة ثلج الاعتراضات عليه عندها، لأن رئيس لجنة الاستملاك والأملاك العامة خالد صبح وجّه في بيان له اتهامات لرئيس البلدية، رأى فيه أنه «تجري محاولات عبر إنشاء مجالس تشاورية وإعلان خطة لإنماء طرابلس، لتغطية الواقع المحزن الذي وصلت إليه بلديات الفيحاء التي سلمت بعجزها في ظل قياداتها الحالية».
ورأى صبح أنه «في ظلّ وضع طرابلس البائس، يطلّ رئيس البلدية متباهياً ومتلهياً بمظاهر السلطة والنفوذ والحملات الدعائية، فهو لم يقترح ولم يطلق مشروعاً جديداً واحداً في المدينة، بل يتباهى بالمشاريع التي وُضعت قيد التنفيذ قبل توليه السلطة على أنها من إنجازاته». وأشار صبح إلى أنه «في ظلّ التوافق الإنمائي الذي أتى بالمجلس البلدي الحالي، ظن رئيس البلدية نفسه والياً على طرابلس، فحرص على إلغاء المجموعة لمصلحة الفرد المطلق، ساعياً دوماً إلى زرع الشقاق والتنافر بين أعضاء المجلس البلدي وموظفي الإدارة البلدية، التي عمد إلى تعطيلها وشل دورها، عبر قرارات تتضمن الكثير من التجاوزات على الأنظمة والقوانين والأعراف».
واتهم صبح غزال بأنه «يسعى إلى تبييض صفحات فشله عبر محاولة إحراج أكبر عدد ممكن من الزملاء لتبرير تقاعسه وزهوه عبر مناورات معيبة»، معتبراً «أننا أمام حالة فريدة من التسلط والشخصانية والشمولية، تستدعي منا ومن جميع الغيورين من أبناء طرابلس أن نؤكد رفضنا لإلغاء مجالسنا البلدية المنتخبة، واستبدالها بهيئات وتجمعات لقلة هدفها».
يذكر أن «الأخبار» حاولت الاتصال بغزال لاستطلاع رأيه، لكنه كان خارج السمع.