أثناء أحداث أيار، أطفأت رصاصة عسكري بملابس مدنية أحلاماً كبيرة لشابٍّ لم يتجاوز الثلاثين من عمره. رصاصة أصابته بعاهة مستديمة لا يزال يقاسي آلامها حتى اليوم، بحيث بات يبحث متحيّراً كأنه يستجدي من يوفّر له العلاج أو تكاليفه. زكريا سنجر، ابن تيار المستقبل، الذي أصيب برصاصة ضابط استخبارات في الجيش، يُوجّه اللوم إلى تيّاره ويتّهم أحد قادته باستغلال الإصابة التي أقعدته لسرقته. يحكي زكريا عن تيارٍ آمن به، فأعطاه كلّ ما يملك، لكنّ القيّمين على هذا التيّار لم يبادلوه بالمثل. لقد أُصيب الشاب زكريا سنجر برصاصة في قدمه في شارع عفيف الطيبة ـــــ الطريق الجديدة، بتاريخ 9 أيار 2008. يومها، فوجئ زكريا أثناء وجوده برفقة أصدقائه في محلة الطريق الجديدة، بسيارة يترجّل منها أشخاص مسلّحون بلباس مدني، أطلقوا النار عليه دون إنذار مسبّق بحسب قوله. فأصابته رصاصة اخترقت قدمه محدثة أضراراً جسيمة في العظم لتسبّب له عاهة مستديمة لا يزال يقاسي تبعاتها حتى اليوم.ضابط الاستخبارات نفسه الذي أطلق النار على زكريا، نقله إلى المستشفى العسكري لتلقي العلاج، باعتبار أن المصاب كان مطلوباً للاشتباه فيه بالمشاركة في أحداث أمنية. حادثة إطلاق النار ليست جوهر القضية، لكنها كانت المدخل لبداية مأساة مستمرة يعيش زكريا فصولها على نحو يومي. فزكريا كان بطلاً رياضياً من أبطال كمال الأجسام في لبنان، وكان يملك نادياً في الطريق الجديدة باسم «zak gym». يتحدث الشاب، الذي نحل جسمه، واختفت منه معالم ممارسة الرياضة، عن أمور لم يبقَ منها غير الذكريات. فزكريا اليوم غير زكريا الأمس، شابٌ عاجز لا يملك غير ركام الأحلام المحطّمة، ولسان ينقل به ما زعم أنه ظلمٌ لحق به. الشاب المصاب ترك منزل ذويه في برج البراجنة، لتلافي الحساسيات السياسية مع الجيران المحيطين به، وانتقل للسكن في الطريق الجديدة، حرصاً منه على انتمائه إلى تيار المستقبل، غير أن حادثة إطلاق النار مثّلت تحوّلاً مفصلياً في حياته. يذكر زكريا أنه أثناء خضوعه للعلاج في المستشفى، «استغل القيادي المستقبلي أ. م. د. المسؤول عن الجرحى، الذي يأتمر بأوامر خ. ش. في التيار نفسه ذلك، ونقلا معاً عدة النادي الذي يملكه دون علمه وباعاها». ويشير زكريا إلى أن التيار صرف له مبلغ عشرين مليون ليرة لبنانية تعويضاً عن إصابته، وضعوه في البنك باسمه، غير أن المذكورين أعلاه أبقيا بحوزتهما بطاقة ائتمان تمكّنا من خلالها من سحب المبلغ كاملاً فيما بعد. يؤكد زكريا أن المسؤولَين عنه أرادا التخلص منه، لذا ضاعفا له كمية المواد المخدرة أثناء وجوده في المستشفى، قبل أن ينقلاه إلى مستشفى آخر باعتبار أنه بات مدمناً المخدرات.
يذكر زكريا أنه احتُجز في المستشفى نحو تسعة أشهر لأنه لم يسدد كلفة العلاج، التي بلغت 120 ألف دولار أميركي، غير أنه تمكن في النهاية من الخروج بالقوّة. خرج زكريا ليبدأ ملاحقة المسؤولَين اللذين سرقاه لإعادة ما سُرق، ومراجعة قيادة التيار لتحصيل حقه المتمثل في إجراء عملية لقدمه المصابة التي تحتاج إلى جهاز.
يشير زكريا إلى أنهم أرضوه بإجراء عملية واحدة له قبل الانتخابات النيابية، ووعدوه بإجراء الباقي في وقت لاحق، إلّا أن الانتخابات كانت قد أجريت فنكثوا بوعدهم. يذكر زكريا أنه لا يزال بحاجة إلى ثلاث عمليات جراحية عاجلة، لأن الالتهابات في قدمه تتفاقم، وهناك احتمال لأن يصل الأمر إلى حد بترها.
يذكر أن زكريا كان ملاحقاً في ما مضى باعتبار أنه مطلوب للتحقيق لدى استخبارات الجيش للاشتباه فيه بقيامه برفقة عماد ز. بمهاجمة سيارة عسكرية وطعن موقوفين كانوا محتجزين لدى دورية للجيش خلال أحداث أمنية سابقة، بحسب معلومات أمنية أكدت أيضاً الخلاف بين سنجر والتيار.



لقطة

ذكر الشاب زكريا سنجر لـ«الأخبار» أنه حاول جاهداً تحصيل حقوقه من تيار المستقبل، لكن دون جدوى، الأمر الذي دفع به إلى اللجوء إلى التهديد بإحراق نفسه في ساحة الشهداء أثناء إحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري الأخيرة، إن لم يُنظر في أمره، ويعمد القيمون إلى معالجته. وأشار سنجر إلى أنه تراجع عن تهديداته بعد وعود تلقّاها من قيادة المستقبل بتسوية أمره، وضغوط من عناصر في قوى الأمن الداخلي حالت دون تنفيذ ما هدّد به، مؤكداً أنه لا يُريد غير معالجة جراحه الملتهبة. من جهة أخرى، دحض منسّق بيروت سابقاً، والمنسّق العام لشؤون الانتخابات الحالي في تيار المستقبل، خالد شهاب، المزاعم التي أدلى بها زكريا سنجر، نافياً كل ما ذُكر عن كون سنجر ينتمي إلى تيار المستقبل في الوقت الحالي، أو كان كذلك في وقت سابق. وأشار شهاب إلى أن قيادة التيار رعته لكونه أحد المتضررين من أحداث أيار، مؤكداً أنهم حاولوا معالجته، مشيراً إلى أن الشاب المذكور من متعاطي المخدرات، ولا يمكن الأخذ بما يُدلي به.