ارتفعت الصرخة بين عناصر درك نظارة قصر عدل بعبدا: «فرّ موقوفون من داخل النظارة». سمع عنصر الأمن المكلّف حماية القصر الذي كان يقف خارجاً ضجيج زملائه. ركض يستطلع الأمر ليستدركه، غير أن الموقوفين الفارّين كانوا قد تواروا عن الأنظار. عقارب الساعة كانت تشير إلى الثانية عشرة إلا رُبعاً من قبل منتصف ليل الجمعة. ثار هرجٌ ومرج قبل أن تبدأ التحقيقات في الحادثة. تفقّدت القوى الأمنية النظارة لمعاينة كيفية الهرب. اتّضح أنّ الموقوفين كسروا «مسكة المغسلة» واستخدموها لخلع قفل الباب الذي يحول بينهم وبين النافذة المدعّمة بقضبان حديدية. كسروا القفل قبل أن يتمكنوا من اقتلاع أحد القضبان المزروعة في النافذة.
الفجوة المستحدثة يبلغ قطرها نحو 15 سنتم بحسب ما ذكره مسؤول أمني لـ«الأخبار»، تمكّن خمسة موقوفين من الخروج منها والفرار. في المقابل، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن الموقوفين الخمسة في نظارة قصر عدل بعبدا تمكنوا من الفرار بتقطيع أو نشر نافذة النظارة بآلة حادة كانت بحوزتهم. النتيجة أن الموقوفين الخمسة فرّوا، الأمر الذي استدعى تعزيز قوى الأمن الداخلي للتدابير الأمنية في سجن بعبدا وبدأت النظارة عمليات البحث عن السجناء الفارين الخمسة انطلاقاً من أماكن سكنهم لإعادة توقيفهم بناءً على إشارة النيابة العامة.
وبحسب ما روى مسؤول أمني لـ«الأخبار»، الغريب في الأمر أن النظارة كانت تضم 12 موقوفاً غير أن خمسة منهم فرّوا فقط، مشيراً إلى أنّ الموقوفين أفادوا خلال التحقيق معهم بأنهم لم يفرّوا لأنهم كانوا نائمين أثناء فرار زملائهم الخمسة. غير أن المسؤول المذكور لفت إلى احتمال أن يكون سبب عدم فرار باقي الموقوفين هو أحجامهم. فقد تكون سعة الفتحة المستحدثة لم تُمكّنهم من الخروج علماً أن معظم الفارّين لا تتجاوز أعمارهم 22 عاماً. وفي الإطار نفسه استغرب المسؤول المذكور فرار أحد الموقوفين علماً ان زوجته حاصلة على إخلاء سبيل له على أساس أنه كان موقوفاً بجرم سرقة نعجة. كذلك يُشار إلى أنّ الوكالة الوطنية للإعلام ذكرت أن الموقوفين اقترفوا سرقات ونفّذوا عمليات سلب.
من جهة ثانية، تحدّث مسؤول أمني آخر عن مسؤولية يتحمّلها عناصر حراسة النظارة لأن واجبهم يقضي بمراقبة الموقوفين، وفرار الموقوفين يعني تخلّف الحرّاس عن أداء واجبهم.
وذكر المسؤول الأمني أنّ كشفاً أُجري على كاميرات المراقبة المزروعة على مداخل قصر العدل فتبيّن أنها كانت متوقّفة. ولفت المسؤول الأمني إلى أن الكمبيوتر الموجود في مكتب النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان كلود كرم، الموصولة به كاميرات المراقبة كان متوقفاً. مشيراً إلى احتمال أن يكون جهاز الكمبيوتر معطّلاً أو أن الكهرباء كانت مقطوعة.
يشار إلى أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أشار بتوقيف رئيس النظارة المؤهل فيكتور خ. والمعاون هيثم خ. وعنصر الحرس داخل النظارة كفاح ح.، وعنصر الحرس الخارجي إدغار م. لإهمالهم وعدم مراقبتهم السجناء الخمسة، علماً أن الموقوفين الفارين هم: علي ح. (مواليد 1992)، ماجد ع. (مواليد 1990)، ياسر ع. (مواليد 1989)، محمد ش. (مواليد 1991)، محمد أ. (مواليد1957).



ليست المسؤولية على العناصر وحدهم

مرّت ثلاثة أيام على فرار خمسة سجناء من داخل نظارة قصر عدل بعبدا. عملية الفرار هي الأولى من نوعها من داخل نظارة، غير أنها تُعيد إلى الأذهان مشكلة اكتظاظ السجون التي تُثقل كاهل القيّمين على السجون في لبنان. فنظارات التوقيف المخصصة لاستقبال الموقوفين قبيل مثولهم في جلسات المحاكمة ثم إعادتهم إلى السجون المركزية، باتت سجوناً قائمة بحد ذاتها، يُقيم فيها الموقوفين عشرات الأيام رغم أنها غير مخصصة أو مؤهلة لذلك. ويذكر مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن الإقامة الطويلة للموقوفين في النظارات تسمح لهؤلاء بالتخطيط للفرار وتنفيذه. بالإضافة إلى أن نظارة بعبدا تعاني الاكتظاظ الشديد للموقوفين فيها. ورغم ذلك، تُعكس الآية ليُحمّل العسكري مسؤولية ليست مسؤوليته بالأساس.