اعتراض على تنفيذ قرار قضائي، تطوّر إلى اعتداء بالضرب على محاميَين ومأمور تنفيذ. نقابة المحامين تستنكر وتتضامن، في اليوم الذي قُتل فيه القضاة الأربعةتكاد الاعتداءات على المنفذين القضائيين تصبح يومية، في ظل تلكّؤ واضح للقوى الأمنية المعنية عن رفد الأحكام القضائية بالتغطية اللازمة لتنفيذها وجعل القانون يأخذ مجراه. وآخر فصول هذه الاعتداءات وقع قبل يومين، أثناء تطبيق مأمور التنفيذ علي حمزة قرار رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي جورج عطية بإخلاء كاراج لصيانة السيارات يملكه المواطن علي ح. في طلعة الكارلتون ـــــ الروشة، برفقة كلّ من المحاميَين طارق اللبان ومحمد أنيس منيمنة، وبحضور المختار محمد طارق السماك.
اعتراض صاحب الكاراج على قرار التنفيذ، تطوّر إلى خلاف وتضارب أدّى إلى سحب علي ح. بمعاونة أولاده وعاملين معه، كلاً من المحاميَين إلى داخل الكاراج الذي يرفض إخلاءه. أطبقوا عليهما في الداخل وانهالوا عليهما ضرباً بكل ما طالته أيديهم. أدى الاعتداء إلى إصابة المحامي اللبّان برضوض في فكه ووجهه، وبكسر في كتفه، قبل أن يُغمى عليه، ويُنقل إلى مستشفى الجامعة الأميركية للعلاج.
المسألة لم تنتهِ عند هذا الحد، فقد اتصل مأمور التنفيذ برئيس دائرة تنفيذ بيروت القاضي جورج عطية لإبلاغه الحادثة. القاضي عطية اتصل، بدوره، بالمحامي العام المناوب كمال أبو جودة، الذي أشار على المعتدى عليهما بتقديم شكوى في المخفر، وحرّر مذكرات إحضار على الفور بحق المعتدين. وفي هذا السياق، أخذ محامون على القاضي أبو جودة عدم إرسال قوّة أمنية فوراً لتوقيف المعتدين، لكنّ مسؤولاً قضائياً ذكر لـ «الأخبار» أن المسؤولية تقع على عناصر مخفر الروشة، الذين تأخروا في الحضور، رغم اتصال المختار السمّاك وإخبارهم بحصول الإشكال. وأشار إلى أن تأخّر عناصر الأمن في الوصول إلى مكان الحادثة، سمح بتواري الفاعلين عن الأنظار. وناشد المسؤول كل من تهمّه هيبة القضاء التحرّك لمعالجة أسس المشكلة التي تعترض المنفّذين القضائيين على نحو شبه يومي، إذ يجب أن يكون عناصر قوى الأمن بتصرّف المنفّذين القضائيين تلافياً لتكرار اعتداءات مماثلة.
الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد حصلت نحو ثلاثة حوادث مماثلة، آخرها كان اعتداء مالك سيارة بالضرب على مأمور التنفيذ.
وفي إطار ردود الفعل على الاعتداء، استنكر مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس «الأفعال الجرمية المتكررة التي تطاول المحامين أثناء ممارستهم مهنتهم»، ولا سيما الاعتداء الأخير الذي تعرض له المحامي طارق اللبّان والمحامي المتدرج محمد أنيس منيمنة بعد ظهر الإثنين، أثناء تنفيذ قرار قضائي، بحضور مأمور التنفيذ ومختار محلة المزرعة، من جانب خصومه في الدعوى، الذي أدى إلى إصابة اللبان بأضرار جسدية ومعنوية جسيمة، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث خضع لعملية جراحية. وذكر البيان أنه سبق أن جرى الاعتداء أخيراً على زميل آخر نفّذه بعض رجال قوى الأمن.
وأهاب المجلسان بالمسؤولين «اتخاذ أقسى التدابير بحق الفاعلين، وتوقيفهم وإحالتهم أمام القضاء لإنزال أشد العقوبات بهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر»، علماً أن القانون يُنزل بالمعتدي على المحامي العقاب نفسه الذي ينزل بحق المعتدي على القاضي.
ودعا المجلسان المحامين الى «التوقف عن حضور الجلسات أمام المحاكم يوم غد استنكاراً لهذه الاعتداءات، محذّرين من تكرارها». وذكّرا بـ «مصادفة أن يكون يوم الأربعاء ذكرى اغتيال القضاة الأربعة في صيدا على قوس المحكمة، الجريمة المستنكرة التي هالت المجتمع، وهزت الضمائر»، ودعوا المحامين إلى المشاركة في الذكرى غداً.
يشار إلى أن قانون أصول المحاكمات الجزائية ينص على أن منع موظف رسمي من أداء وظيفته يُعدّ جناية.