للمرة الأولى منذ اندلاع عاصفة البناء على الأملاك العامة والبحرية، يُسجَّل احتجاج شعبي ضد التعديات، لا دفاعاً عنها. فمنذ انطلاق الشرارة الأولى في الزهراني وتمددها لاحقاً الى صور، لم تبقَ طريق إلا شهدت تجمعات احتجاجية ضد قمع التعديات. وأحيانا كثيرة كان يصل الغضب من محاولة القوى الأمنية قمع المخالفات وهدمها، الى رشق عناصرها بالحجارة، والى سقوط قتلى وجرحى. ولأن مشهد مواجهة قمع المخالفات، الذي يواجَه بالأجساد الحية، بات هو السائد، توقف الكثيرون أمس عند تجمع أهالي بلدة العباسية في قضاء صور ومجلسها البلدي أمام مقر البلدية، احتجاجاً على التعديات على مشاعاتها، ولمطالبة القوى الأمنية بوقفها ومحاسبة المتورطين. المحتجون توجهوا بعد ذلك بمؤازرة دورية من قوى الأمن الى نواحي البلدة التي تحصل فيها التعديات، ومنها حي الشبريحا، الذي يشهد فورة عمرانية مخالفة منذ أكثر من شهرين. وأصدرت البلدية بياناً ناشدت فيه كل المعنيين «الوقوف الى جانبها لمنع التعديات وبذل كل الجهود للحفاظ عليها، حرصاً على الأملاك العامة البلدية، التي هي لجميع أبنائنا وللأجيال القادمة». الى ذلك، وبعدما أنجزت معظم ورش البناء في مشاعات صور أعمالها، انتقل أصحابها الى المرحلة الثانية قبل وضعها قيد الاستخدام. فتوافد هؤلاء الى مبنى بلدية صور للاستحصال على رخص لمد شبكات الكهرباء والهاتف والصرف الصحي والمياه اليها، إلا أن البلدية رفضت التعاون مع كل المخالفين، في موقف أثار تنويه الكثيرين، لكنه دفع الى التساؤل عن مصير ضاحية المساكن التي ولدت وحدها 400 بيت مخالف منذ نهاية شهر آذار الفائت؟ وكيف سيتصرف المواطنون في البيوت المخالفة إذا لم تسوَّ أوضاعهم؟ وهل «سيستفيدون» من شبكتي الكهرباء والمياه بصورة غير شرعية؟ وماذا عن أعمال النظافة ورفع النفايات؟
حملة البناء على الأملاك العامة فقدت الكثير من مناصريها الذين رفعوا شعار إيواء الفقراء غير القادرين على شراء الشقق والأراضي، وذلك بعدما بُنيت محالّ تجارية لا يبدو أنها للفقراء. من هنا، وبعد مرور حوالى أربعة أشهر على بدء عاصفة المشاعات، تنبّهت بلدية صور والجمعيات الأهلية فيها لبحث الانتهاكات المستمرة للأملاك العامة، ولآثارها البيئية والصحية والاجتماعية والسياحية على المدينة. وإثر اجتماعها، طالبت القوى الأمنية بإزالة المخالفات ذات الطابع التجاري أو مصادرتها، واتخاذ إجراءات لمنع منح الأبنية المخالفة تسهيلات من الدوائر الرسمية والبلديات.