يشهد سوق جزين القديم، وعمره مئة وخمسون عاماً، «نفضة تراثية» واسعة منذ شهرين، بعدما أعيد تأهيله بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبإشراف بلدية جزين. يتفاءل جزينيون، بتأهيل السوق القديمة، لكن هذا لا يكفي. يسأل أبو جورج، صاحب محال لصناعة السكاكين الجزينية: «أين التنمية المتوازنة، نريد مشاريع حيوية وتنمية بشرية مستدامة». على خلاف معارضين للمجلس البلدي الذين يتهمونها بالتقصير، فإن جزينيين آخرين يبدون راضين عن عمل البلدية، تقول ريتا رزق «سنة واحدة لا تكفي لتقويم التجربة، نلمس نهجاً إصلاحياً تغييرياً».هذا التفاوت في الرأي بين أهالي المدينة التي خاضت معركة انتخابية قاسية قبل عام، يدل على أن الأمور لا تزال على حالها. كلّ إنجازات البلدية الحالية هي في مرمى نيران البلدية السابقة، حيث يروي مقرّبون من النائب السابق سمير عازار أن البلدية «اقتلعت ساعة التوقيت، أوقفت مشروع الشلال الاصطناعي متعمّدة عدم إصلاح تفسّخات الخزانات، ووهبت أملاك البلدية في منطقة تومات جزين لإقامة زرائب عليها، إلخ.»، ويشيرون إلى غياب المشاريع السياحية والإنمائية.
ينفي رئيس بلدية جزين ـــــ عين مجدلين وليد الحلو هذه الاتهامات، متحدّثاً عن «الموافقة على استخدام أرض للماشية في عين مجدلين لكن لم تُقم أيّ إنشاءات عليها»، متهماً بدوره البلدية السابقة بتبديد أملاك البلدية «مع احترامنا وانتمائنا إلى الجيش اللبناني، إلا أن البلدية السابقة أعطته من أملاكنا أحلى بقعة في تلة جزين لإقامة ثكنة عسكرية عليها».
أما عن الساعة التي «اقتُلعت من مكانها»، فيوضح الحلو أنها أزيلت في إطار مشروع إقامة مستديرة «البطريرك المعوشي» الذي يتضمن مستديرة وبركة مياه وحديقة زهور، إضافةً إلى تمثال نصفي للبطريرك. وقد برّرت البلدية إزالتها للساعة العملاقة بالقول «إنها دُقّت في مكان خاطئ، وتعاني ثلاث مشاكل: مساحتها الواسعة أكلت الطريق، طولها مرتفع، وشكلها غير متجانس مع المحيط والبناء، إضافةً إلى وجود اسم مقدّمها».
ينفي الحلو أن يكون مجلسه البلدي قد أطاح حلماً جزينياً، من خلال وقف العمل في الشلال الاصطناعي الذي كان يعمل على إعادة تدوير المياه: «الشلال الاصطناعي لم «يمش» أساساً، المشروع فشل لأنه عمل غير مدروس. خصصوا مئة ألف دولار للمشروع على شلال لا يمشي، وضعنا دراسة لمشروع ناجح كلفته الناجحة 200 ألف دولار».
ويختم الحلو في هذا الإطار بالتأكيد أنه لا «يسيّس» عمله البلدي «بلديتنا بلدية كلّ الناس، وهي تنموية لا سياسية، نحن لا نمارس ممارسة كيدية بل نعمل لكل جزيني، لسنا فئويين كما المجلس البلدي السابق».
بعيداً عن المشاكل المحلية، يعترف الحلو، الآتي الى العمل البلدي من موقع مدير إحدى شركات شقيقه في الخليج، وقبلها كأستاذ للتاريخ، بعد سنة من فوزه في الانتخابات البلدية، بأن «العمل البلدي في لبنان متعب جداً: بعيداً عن الوجاهة، هناك قوانين مقيّدة للبلديات بوصفها مجالس محلية»، مشيراً إلى موقف محافظ الجنوب الذي «يمثّل طرفاً في العلاقة معنا لا حكماً». هذه القوانين دفعته إلى تبنّي لامركزية إدارية على طريقته، يقول: «أنا أمارس اللامركزية الإدارية عبر عدم التزلّف والاستقلالية البلدية»، مطالباً بفصل وزارة البلديات عن وزارة الداخلية.
من جهة ثانية، يعرض الحلو المشاريع المستقبلية التي تفكر فيها البلدية من أجل تطوير العمل البلدي وتنمية المدينة، ومنها: «شق طريقين في عين مجدلين، تأهيل الصرف الصحي، دعم مدارس، إقامة جسر في منطقة التيات، رفع جدران دعم، وهناك مشروع لتوحيد لون أبنية جزين وترقيم الشوارع والمنازل، ولتعزيز القانون زوّدت البلدية عناصر شرطتها بسلاح حربي».
لكن الأهم هو «إيجاد التمويل». لازمة يردّدها الحلو، «فالأموال التي تصلنا من الدولة لا تكفي رواتب للموظفين وللأعمال اليومية من بنى تحتية ومجارير»، معلناً ثلاثة مشاريع حيوية ستنفّذ مستقبلاً: «مشروع بركة الصوّان، وهي بركة قديمة حوّلها الاحتلال الإسرائيلي إلى مطار، سنحوّلها نحن إلى منطقة سياحية، مشروع مصنع في جزين على أرض تملكها البلدية في منطقة عدّوس لإيجاد فرص عمل لأبناء المنطقة وتفعيل النشاط الاقتصادي، ومشروع سكني حيث ستبني البلدية على أرضها في جزين نحو عشر بنايات لإيواء سبعين عائلة جزينية ليست لديها أراض ولا منازل، سيتملّكونها بسعر الكلفة».
الحلو كشف عن مليار ليرة هي مستحقات لبلديته لدى الدولة اللبنانية، «أموال معلقة يصلنا النزر القليل ولو أتيحت لنا لنفذنا مشاريع حيوية هامة»، كاشفاً عن احتمال إلغاء مهرجانات جزين التراثية الفنية هذا العام «إذا لم يتوافر الدعم المالي»، طالباً دعم وزارة السياحة لإحياء المهرجانات.
يبقى ملف اتحاد بلديات جزين، إذ يدور همس عن خلافات مكتومة تسود بين البلدية والاتحاد الذي يرأسه عضو مجلس بلدية جزين سامي حرفوش. وهو أمر نفاه الحلو قائلاً «اختلاف وجهات النظر داخل المجلس أمر صحي لكن لا وجود لخلافات، أنا سعيد لأني لم أشغل هذا المنصب، لا أستطيع أن أحمل بطيختين بيد واحدة، كما أن الرئيس الحالي للاتحاد ينتمي إلى الخط السياسي نفسه الذي أنتمي إليه». وإن كان يعترف بأنه لا يهتم كثيراً بالمشاكل التي تناقَش في الاتحاد: «مثلاً كانوا يناقشون موضوع المقالع وأنا كبلدية جزين لا أحضر الاجتماعات. أنا وحدي وهم وحدهم. أنا أهتم بمشاكل بلديتي». أما الحديث عن اتفاق سابق يقضي بمداورة الرئاسة، فعلّق عليه الحلو بالقول «موضوع سابق لأوانه، أنا لم أشارك في هذا الاتفاق».
بيئياً، قامت البلدية بحملة تشجير، وهي لا تعاني أزمة نفايات لأن «اتحاد بلديات المنطقة متعاقد مع شركة mwc لإزالة النفايات، لكن هدفنا إنشاء مصنع لتدوير النفايات في المدينة».