كنّ كثيرات أمس في جمعيتهنّ العمومية. اللبنانيات المتزوجات بأجانب لن يسكتن عن حقهن المهدور على أيدي الحكومات المتعاقبة. إلى جانبهن جلس عدد من أزواجهن وأولادهن. لكل واحدة قصة ترويها عن سوء المعاملة في الأمن العام أثناء التقدّم للحصول على إقامة المجاملة، عن مكتومات القيد اللواتي لا يستطعن توريث أولادهن أو تسجيل زواجهن، عن الهجرة القسرية إلى وطن القيد وترك البلد الذي ولدوا فيه وتربوا وعاشوا. العائلات المعنية اجتمعت أمس بدعوة من حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» التي تواصلت مع 300 عائلة، لبّت 120 منها الدعوة، وحضرت إلى قاعة جمعية الشابات المسيحيات في عين المريسة من أجل البحث في القضية وسبل التحرك للضغط باتجاه تعديل قانون الجنسية، وإدراجه بنداً على البيان الوزاري للحكومة الجديدة.
كريمة شبو، مسؤولة الوحدة القانونية في مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي عرضت نشاطات الحملة التي انطلقت قبل 7 سنوات، للمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة اللبنانيين بالنسبة الى حق إعطاء المرأة اللبنانية المتزوجة بأجنبي الجنسية لأولادها وزوجها، إذ يحصر القانون هذا الحق بالرجل فقط. ورغم أن الجمعية العمومية هي لمناقشة سبل التحرك بعد الإعلان عن تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، إلا أن الأصوات التي ارتفعت في القاعة ركزت غالبيتها على العقبات القانونية والتقنية التي تواجه العائلات التي تقدمت إلى دوائر الأمن العام للحصول على إقامة المجاملة التي أجيزت العام الفائت. «نشعر بأن الأمن العام مجبر على إنجاز إقامة المجاملة وليس عن قناعة بأن هذا حق مشروع لنا» تقول إحدى المعنيات التي انتظرت لساعات قبل أن تعود أدراجها من الأمن العام من دون أن تستطيع إنجاز المعاملة لزوجها.
وتعدّ إقامة المجاملة، التي صدرت بمرسوم في 10 حزيران 2010، الإنجاز الوحيد الذي استطاع وزير الداخلية السابق زياد بارود تحقيقه في هذه القضية، كخطوة مؤقتة الى حين تعديل قانون الجنسية. أما مشروع القانون الذي أرسله بارود إلى مجلس الوزراء لتعديل قانون الجنسية فلم يبصر النور، وليس معلوماً موقف حكومة ميقاتي والوزير الجديد مروان شربل من القضية برمتها، إلا أن المؤشر الأبرز للتوجه الحكومي تجاه هذا الملف كان من خلال رفض الوفد اللبناني الرسمي جميع التوصيات التي تقدم بها عدد من الدول الأوروبية لإنصاف المرأة اللبنانية ومنحها حق إعطاء الجنسية لعائلتها، وذلك أثناء المراجعة الدورية الشاملة لسجل لبنان في حقوق الإنسان في جنيف العام الماضي.
وبمعزل عن مصير مشروع القانون الحالي الذي أعدّه بارود، فإن العائلات المعنية تعرف جيداً أن القانون في النهاية يجب أن يصدر عن مجلس النواب، إما محالاً من مجلس الوزراء أو أن يطرح معجلاً في مجلس النواب. لذلك تقرر خلال الجلسة أن يبدأ الاستعداد لحملة واسعة النطاق بهدف تبني حكومة «كلنا للوطن كلنا للعمل» هذه القضية، وأن يتم الضغط على الكتل النيابية بمعزل عن موقعها السياسي في المعارضة أو الموالاة.
في الجلسة، تسأل ميرنا حيدر: هل يعترف القانون اللبناني برابطة الدم في تعريفه للجنسية؟ وتجيب: «إذا كان كذلك فللمرأة الأولوية في منح جنسيتها، أما إذا أصروا على أن تحصر بالرجل، فليستبدلوا رابطة الدم برابطة الحيوانات المنوية».
اللافت أن الأصوات التي علت في القاعة ليست فقط أصوات اللبنانيات المتزوجات بأجانب، فهناك العديد من مكتومي القيد لأسباب متعددة والذين حضروا لعرض ظروفهم البالغة الصعوبة لجهة السفر والتعلم والزواج والإرث، والذين يطالبون بدورهم بأن تشملهم تعديلات قانون الجنسية.