بعد بدء المحاكمات في قضية «بنك المدينة» لدى جنايات جبل لبنان، صدر أخيراً قرار ظني عن قاضي التحقيق الأول في بيروت جعفر قبيسي، في القضية نفسها ولكن بتهم أخرى، رأى فيه أن أفعال كل من المدّعى عليهم رنا عبد الرحيم قليلات وشقيقها باسل ورولا ص. هي من نوع الجناية المنصوص عليها في المادة 638 من قانون العقوبات. ويشير نص هذه المادة إلى أحد أنواع جنايات السرقة وعقوبتها الأشغال الشاقة من 3 إلى 10 سنوات، وذلك إذا وقعت على أموال موجودات مؤسسة حكومية أو أي مركز أو مكتب لإدارة رسمية أو هيئة عامة، أو إذا وقعت على أموال أو موجودات مصرف أو محل للصياغة أو للصيرفة.أما لناحية تفصيل الأفعال، فقد تبيّن للقاضي أن الأشخاص الثلاثة المذكورين سرقوا أموال مصرفي المدينة والاعتماد المتحد، وأن المدّعى عليهم أميرة ز. وليلى ز. ومحمود ز. ووائل ت. ساعدوا المتهمين بالسرقة، وأسهموا معهم في إخفاء الأموال المسروقة. وحيث إن المستندات التي تذرع بها كل من ليلى ووائل لإثبات البراءة، هي فضلاً عن عدم ثبوت صدورها، فإنها لا يمكن أن تثبت واقعة معينة (الاستدانة) بواسطة مستند صادر عن المتهمين أنفسهم، بل إن ذلك، بحسب القرار، يعتبر «بمثابة الإمعان في تضليل الحقيقة لإخفاء الأموال المسروقة».
يُشار إلى أن الدعوى الواردة إلى القاضي من المدّعي عدنان أبو عياش تبيّن أن الأخير هو مالك بنك المدينة وبنك الاعتماد المتحد، وأنه بسبب وجوده شبه الدائم في المملكة العربية السعودية لمتابعة إدارة أعماله هناك، كلّف المدّعى عليها رنا قليلات بإدارة المصرفين، لكن الأخيرة «قامت تدريجاً بالاستيلاء على معظم أموال ومدخرات المدّعي والمودعين، وذلك عبر سلسلة من الاختلاسات، بالاشتراك والتواطؤ مع شقيقها وزوجته رولا، حيث استغلت الأخيرة وظيفتها في بنك المدينة وقرابتها من رنا». يُذكر أن هذه الاختلاسات كانت قد أشارت إليها هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان أيضاً، وذلك في قرارين صادرين الأول بتاريخ 9/7/2003 والثاني بتاريخ 12/7/2003، حيث ورد أن رنا وشقيقها «سرقا مئات ملايين الدولارات الأميركية من أموال المصرفين، فضلاً عن المبالغ الأخرى بالعملة الوطنية، وأن رنا قد أبرمت قيوداً وهمية بوثائق مزورة لتغطية تلك السرقات».
ومما جاء في الادّعاء أمام قاضي التحقيق أيضاً، أن رنا، بقصد إخفاء معالم جريمتها، اشترت عقارات بالأموال المسروقة وسجلتها بأسماء أفراد عائلتها، علماً بأنهم من ذوي مداخيل مالية لا تسمح لهم بتملّك تلك العقارات، وهم كانوا على علم بأن المال الذي في حوزة رنا هو مال مسروق ويخص المالكين والمودعين، وقد اتفقوا معها على تخبئة المسروق عبر شراء عقارات وتسجيلها على أسمائهم.
وبناءً على ما ورد، قرر قاضي التحقيق الأول إيجاب محاكمة المدّعى عليهم أمام محكمة الجنايات في بيروت، وفقاً للمادة 638 عقوبات، وذلك بعدما تأيّدت الوقائع بالادعاءين العام والشخصي، بالتحقيقات الاستنطاقية، بقرينة تواري المدّعى عليهم عن الأنظار. وبالتالي، تصبح قضية «بنك المدينة» محطّ جلسات محاكمة أمام محكمة جنايات بيروت، بعدما كانت قد بوشرت أخيراً أمام جنايات جبل لبنان أيضاً.