ضهور الشوير، بولونيا، المروج، المتين والزعرور، مراكز اصطياف لا تبعد اكثر من 45 دقيقة عن العاصمة بيروت، وتعرض على الزائر مختلف انواع السياحة البديلة والثقافية. في هذه المنطقة الواسعة من المتن الأعلى يمكن تمضية نهار مليء بالمتعة، او عطلة نهاية اسبوع مريحة، بأسعار تناسب العائلات والأفراد.محبو السير في الجبال وفي المسالك الوعرة لهم مرادهم. فالجبل اللبناني أسس بين مختلف قرى هذه المنطقة درباً يمكن السير عليه مدة تزيد على الأربع ساعات، كما يمكن الاختصار والبقاء على الدروب القريبة والسهلة. وتطل هذه الطرق على مناظر طبيعية خلابة: من أعالي جبل الزعرور تنكشف قرى كسروان وأعالي المتن.
السير في الممرات السهلة، يتيح رؤية مناظر ليست اقل شأناً، والجو ألطف في ظل اشجار الصنوبر، إذ إنّ المنطقة عُرفت بكثافة هذه الشجرة لدرجة أنه أُطلقت على الحرج الأخضر تسمية «غابة بولونيا»، تيمناً بالغابة الباريسية الكبيرة. وقبل الحرب كانت هذه المنطقة مركز اصطياف واسعاً لعائلات المتن، وانتشرت فيها البيوت اللبنانية ذات الهندسة التقليدية، كما توزعت على تلالها وبين أشجارها الفيلات الكبيرة، لكنّ تحولها الى خط تماس (بين المتن وكسروان) خلال الحرب الأهلية بدّل حال هذه البيوت التي استُخدمت مراكز قتال. ولا تزال آثار تلك المعارك بارزة في بعض البيوت، مع العلم بأن الأهالي يثابرون على ترميم بيوتهم والعودة اليها، وخصوصاً في الصيف، موسم النهضة الاقتصادية
للمنطقة.
وتشتهر المنطقة أيضاً بغابات الصنوبر التي توفّر مساحات واسعة ومسطحة، مما يسمح للأطفال باللعب والركض، لكن، مع الاسف، كثرة استخدامها من دون اي روابط مسبقة حولت قسماً منها الى مكب للنفايات...
الطبيعة والطقس الجاف ليسا السبب الوحيد لزيارة اعالي المتن. فللتاريخ ومحبيه عنوان: قرية المتين. المحافِظة على رونقها وجمالها وحياتها البسيطة. قد لا تكون مشهورة على الخريطة السياحية اللبنانية، لكنها تحمل في خفايا جدران منازلها وقصورها الكثير من القصص، وهي شاهد حيّ على تغير المجتمع في جبل لبنان في القرن التاسع عشر. وقد دخلت صناعة الحرير القرية بسبب طقسها الجاف، وغزارة مياهها وغنى أمراء أبي اللمع. وكانت قصور أمراء ابي اللمع الخمسة تزنر الميدان الذي يمنع أي شخص من المرور به، إلا في حال تنفيذ أحكام الأمير من إعدام او ضرب، أو لمتابعة العاب السيف والترس بين الأمراء، وكانت الأميرات يتابعن هذه الأحداث من خلف المشربيات
الخشبية.
ويصف المستشرقون المتين في القرن التاسع عشر بأنها قرية تزين كل بيوتها أشجار التوت. تلك الأشجار التي سمحت للمنطقة بأن تعرف معنى الازدهار الاقتصادي، الذي لا تزال معامل الحرير الستة المنتشرة في ضواحي القرية تشهد عليه. كما شهدت المنطقة انتشاراً لشجرة الخرنوب ومعامل الدبس. ويبقى ضريح عائلة أبي اللمع من المعالم التي تجدر زيارتها في القرية.
يمكن دخول قصر ابي اللمع الذي امتلكته عائلة القنطار التي تجهد لترميمه وتأهيله ليصبح مركزاً سياحياً وحياتياً. فبعض الغرف باتت تُستخدم فندقاً صغيراً، ويمكن الزوار التعرف الى الطبخ الخاص بالمنطقة في قاعات القصر، مع الإشارة الى أن اسعار المنامة لا تتخطى 25 دولاراً للشخص الواحد، أما المأكل، فبحسب الطلب.
ولأن المنطقة واسعة، تزداد الخيارات وتتعدد الأسعار. في ضهور الشوير وبولونيا كل الفنادق الكبيرة تعرض على الزائرين «البوفيه»، التي تتفاوت فيها الأسعار بين 20 و25 دولاراً للشخص الواحد. أما المطاعم الصغيرة المنتشرة على جوانب الطريق، والمطلة على الأودية، فتتفاوت التعرفة فيها بحسب الطلب، لكن، تبقى الأسعار غير مرتفعة، واللقمة فريدة والمنظر خلاباً... لكي يكون «المشوار» رائعاً.

للمزيد من المعلومات عن الدرب والادلاء والمبيت: http://www.lebanontrail.org/