ليس جديداً القول إن «السياسة» التي اختفت في الانتخابات البلدية الأخيرة على قاعدة تمرير الاستحقاق، أطلّت في اتحاداتها البلدية. هذا ما كشفته التحالفات والانقسامات التي قامت في غير مكان فأنتجت اتحادات جديدة واستدعت انشقاقات في اتحادات كبيرة أو توجهاً لانشقاقات فيها. ولكلّ اتحاد قصته ومبرراته ومنها «اتحاد بلديات القلعة» الذي أنشئ في أواخر تشرين الأول من العام الماضي في قضاء بنت جبيل.يضمّ الاتحاد 9 بلديات من بلدات القضاء الذي يتألف من 36 قرية وبلدة جنوبية، إضافة إلى ثلاث بلديات أخرى تنتظر صدور مرسوم عن مجلس الوزراء لانضمامها رسمياً الى الاتحاد.
يأتي تأليف هذا الاتحاد لافتاً على الرغم من وجود اتحاد آخر في القضاء، تكوّن قبل ثماني سنوات تحت اسم «اتحاد بلديات بنت جبيل»، خصوصاً أن «اتحاد القلعة» شهد انضمام البلديات المحسوبة على حركة أمل، وفق الأكثرية العددية للأعضاء، لتنحصر معظم البلديات المحسوبة على حزب الله في اتحاد بلديات بنت جبيل. هذا على الرغم من التوافق المعلن والمكرّس بين الحزبين في الانتخابات البلدية الأخيرة وتقاسمها المجالس البلدية، وطبعاً من دون أن يؤدي ذلك الى أي خلاف ظاهري حتى الآن.
يشير البعض الى أن أسباب الانقسام قد يكون مردّها التنافس التاريخي القائم بين أبناء بلدتي تبنين وبنت جبيل على تقاسم إدارة القضاء، خصوصاً أن بلدة تبنين كانت قد تحوّلت قبل التحرير عام 2000 إلى مركز استقطاب إذ استحدثت فيها سرايا حكومية وضمّت إليها مراكز إدارية عامة مثل دائرة نفوس ومراكز للأمن العام وقوى الأمن الداخلي ومحكمة مدنية وأخرى جعفرية ومركز الوكالة الوطنية للإعلام، فباتت مقصداً للأهالي وتؤدي خدمات للعديد من قرى وبلدات القضاء، فيما توجد مراكز أخرى للدوائر عينها تؤدي خدماتها للقرى والبلدات الأخرى في القضاء نفسه.
غير ذلك، لا شيء يشي بوجود خلاف سياسي بارز، إذ لم تحصل حتى الآن أي مشكلة بلدية، منذ إعلان نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، بين الحزبين المتحالفين، ويظهر رئيس اتحاد بلديات القلعة نبيل فواز أن الفكرة تكمن في اقتناعنا بأن «الاتحادات الكبيرة، لا تحقق التنمية الشاملة للبلديات المنضمّة إليها، فغالباً ما تستفيد البلديات الكبيرة على حساب البلديات الأخرى في الاتحاد، لذلك ارتأينا أن نؤسس اتحاد بلديات آخر في القضاء». لكن فواز لا ينفي «في الأصل وجود حساسيات مناطقية وسياسية، ووجود عنصرية معروفة بين بنت جبيل وتبنين تحديداً». ويقرّ بأن «فكرة الاتحادات الصغيرة تحقق منفعة أكبر وتنمية أشمل، وهذا ما حصل بعدما أنجزنا في وقت قياسي، وبدعم لافت ورئيسي من رئيس مجلس النواب نبيه بري، عدة مشاريع مهمة، إذ حصلنا على ما يقارب 370 مليون ليرة لإنجاز مشاريع محددة، إضافة إلى مبلغ نقدي 350 مليوناً، وتأمين مركز للاتحاد في سرايا تبنين الحكومية». يضيف «لقد استطاع الاتحاد الانتهاء من إعداد مشروع جمع النفايات في الاتحاد بطريقة علمية مع مطمر صحيّ، في انتظار موافقة مجلس الوزراء على تنفيذه، وتم وضع نظام داخلي بسرعة لافتة وتنفيذ عدة مشاريع أخرى».
ومن اللافت رفض انضمام بلدية السلطانية، المحسوبة عددياً على حزب الله، إلى الاتحاد، رغم وقوعها جغرافياً في المحيط الجغرافي لاتحاد القلعة، بينما انضمّت البلديات الملاصقة لها والمحسوبة على حركة أمل الى الاتحاد، وهي بلديات تبنين وكفرا وحاريص وديرنطار والجميجمة وصفد البطيخ وعيتا الجبل وكفردونين وقلاوية. وتنتظر بلديات قلاوية وبيت ليف ورامية، الانضمام بعد صدور مرسوم عن مجلس الوزراء. وهذا يظهر أيضاً عدم انضمام بلدة مثل بيت ليف المحسوبة على حركة أمل، والأقرب جغرافياً إلى بنت جبيل إلى اتحاد بلديات بنت جبيل الذي يضمّ 13 بلدية. واللافت أيضاً عدم انضمام أي من البلديات المسيحية في القضاء إلى الاتحادين، وهي بلدات رميش وعين ابل ودبل.