ركن مروان (اسم مستعار) سيارته، من نوع تويوتا، وهي قديمة الصنع، أمام مركز عمله في أحد مستشفيات البقاع الأوسط. وبعد نهاية الدوام، قرابة الثالثة ظهراً، توجه إلى المكان حيث ركنها فلم يجدها. سارع إلى إبلاغ إدارة المستشفى بالأمر، فاستعانت الأخيرة بتسجيلات أجهزة كاميرات المراقبة المثبتة على زوايا المبنى من جميع الجهات، وبالفعل، أظهرت التسجيلات وصول شخصين على متن دراجة ناريّة إلى موقف السيارات، قرابة الواحدة والربع من بعد ظهر ذلك اليوم، وترجل أحدهما عن الدراجة وبخطى سريعة توجه إلى السيارة، وفتحها مستخدماً مفتاحاً كان بحوزته... وما هي إلا لحظات حتى انطلقت السيارة بسرعة «جنونيّة» إلى جهة مجهولة.توجه مروان إلى مخفر الدرك، الذي يقع المستشفى ضمن نطاقه الإقليمي. هناك، حرر رجال الأمن محضراً قضائياً لإثبات واقعة السرقة. وبعد خروجه من المخفر، يقول مروان: «استوقفني أحد العناصر وقال لي: سنقوم بالإجراءات اللازمة، وفي حال اتصال السارق بك، أنصحك بالتفاوض معه على مبلغ مالي مقابل استعادة سيارتك». وهذا ما حصل بالفعل، ففي اليوم التالي تلقى الرجل اتصالاً على جهازه النقّال، أبلغه خلاله المتصل، بأن عليه دفع مبلغ 1000 دولار أميركي مقابل استرجاع سيارته، مهدداً بحرقها في حال عدم استجابة طلبه، واللافت، بحسب مروان، أن المتصل عرّف عن نفسه بالقول: «اسمي ع.م. وفي حقي 15 مذكرة توقيف، ولا يهمني إذا أضيفت إليها واحدة جديدة. أنصحك أيضاً بعدم الاتكال على الدولة؛ لأن ذلك لن ينفعك، وإذا لم تقتنع فاسأل غيرك من الذين سرقت سياراتهم». حاول مروان إقناع محدثه بأن المبلغ الذي يطلبه يوازي سعر السيارة في وضعها الحالي، لأنها قديمة الصنع وتحتاج إلى تبديل محركها، وإعادة تأهيل بعض أجزاء من هيكلها ومحتوياتها، وقبل إنهاء المكالمة وعد المتصل بدرس الموضوع ومعاودة الاتصال لاحقاً.
للغاية نفسها، قصد مروان قريبه، وهو ضابط في قوى الأمن الداخلي. عرض الموضوع عليه، فتلقى نصيحة أخرى: «حاول التفاوض معهم لخفض المبلغ؛ لأن الوضع الأمني الحالي لا يسمح للأجهزة الأمنيّة بالتحرك». أخذ مروان بنصيحة قريبه.
وبعد اتصالات هاتفيّة عدة أجراها معه اللص، خفض المبلغ إلى 600 دولار، وجرت عملية التسلّم والتسليم أمام منزل المتصل في بلدة جبليّة تقع جنوبي بعلبك.
سلسلة النصائح لم تنته؛ فقد حضر مروان مجدداً إلى مخفر الدرك حيث تقدم بالشكوى، وخلال الاستماع إلى إفادته هناك، نصحه المحقق بعدم الغوص في تفاصيل ما حصل معه، والاكتفاء بالقول إنه عثر على سيارته مركونة إلى جانب إحدى الطرقات في منطقة بعلبك، تجنباً لتعرضه للأذى من اللصوص الذين يستطيعون تكرار عمليّة السرقة مرة ثانيّة».
حصلت مع بسام (اسم مستعار) قصة مماثلة بنهاية مختلفة. أجرى بسام تفاوضاً بواسطة الهاتف مع أفراد العصابة، بغية استرجاع سيارته التي كانت قد سرقت قبل نحو أسبوعين من أمام منزله في بيروت. قصة نقلها أحد رجال الأمن، مشيراً إلى أن «الضحيّة» كان يملك سيارة حديثة الصنع يقدّر ثمنها بنحو 16 ألف دولار أميركي، وأن المبلغ الذي طلبه أفراد العصابة لإعادتها إليه هو 10 آلاف دولار. على هذا الأساس، حضر بسام مع زوجته وأولاده إلى مفرق طريق قرية تبعد عن أوتوستراد بعلبك الدولي نحو 5 كيلومترات، وهو المكان الذي حدده اللصوص لإتمام الصفقة، وبعد دقائق وصلت سيارة في داخلها ثلاثة أشخاص مسلحين، ليصطحبوا معهم بسام بمفرده إلى داخل البلدة. هناك، طالبه أحدهم بالمبلغ المتفق عليه، فسلّمهم محفظة جلديّة في داخلها رزمة أوراق نقديّة من فئة مئة دولار، يبلغ مجموعها 8 آلاف دولار أميركي، محاولاً إقناعهم بأن هذا كل ما في حوزته، وأنه استدان المبلغ من أحد أقاربه. عندها، استمهله أحد أفراد العصابة لعرض الموضوع على «المعلم» الموجود داخل المنزل، وبعد دقائق خرج أحدهم غاضباً ورمى المحفظة في وجهه صارخاً بالقول: «المعلم رفض هذا المبلغ وعليك مغادرة المكان فوراً، قبل أن يخرج ويكسّر رأسك». نفذ بسام ما طلب منه وعاد إدراجه إلى حيث كانت عائلته تنتظره، ليكتشف بعدها أن المبلغ الذي أعيد إليه ليس سوى أوراق نقديّة مزوّرة.