طرابلس | «تسيّب، فوضى، إهمال، ذل وهدر كرامات الناس». هذه الأوصاف هي أول ما يتبادر الى ذهن مختار محلة الحدادين في طرابلس وليد درنيقة، لدى سؤاله عن الوضع الذي يسود دائرة الأحوال الشخصية وقلم نفوس طرابلس، الكائنين في الطبقة الثانية من سرايا طرابلس، على بعد أمتار قليلة من مكتب محافظ الشمال ناصيف قالوش. أمس، تجمّع عدد من مخاتير طرابلس في الباحة الداخلية الواقعة أمام شباك قلم النفوس المخصص لنصف مليون مواطن، لشرح «التعقيدات والصعوبات التي يواجهونها في سبيل إنجاز معاملات المواطنين». في الباحة الداخلية نفسها حيث تجمّع هؤلاء، كان عشرات المواطنين يقفون في طابورين يسيران ببطء شديد، أحدهما للرجال والآخر للنساء.
في جو حار ورطب، من أجل إنجاز معاملاتهم، خصوصاً إخراجات القيد المطلوبة لتسجيل أولادهم في المدارس مع بداية العام الدراسي الجديد.
المختار درنيقة الذي تحدث باسم المخاتير المحتجين، لفت إلى أن الهدف من هذا الإحتجاج «هو محاولة إصلاح أوضاع دائرة الأحوال الشخصية وقلم النفوس»، معتبراً أنه «ليس منطقياً ولا مقبولاً أن يكون لأهل طرابلس الذين يبلغون نحو 500 ألف نسمة شباك واحد لإنجاز معاملاتهم».
شكوى درنيقة وزملائه من المخاتير لا تقتصر على بطء المعاملات وعلى طوابير الانتظار الطويلة والنقص الفادح في أعداد الموظفين، بل تتعداها إلى أخطاء تقع في المعاملات، مثل إضافة أسماء أو حذف أسماء أخرى في إخراج القيد العائلي، أو وجود إسم للزوجة على إخراج القيد يعود لغير الزوجة الأصلية!
وإذ رفض درنيقة تحميل الموظفين هذه المسؤولية، لأن «عددهم أقل بكثير مما هو مطلوب لإنجاز معاملات الناس وتعدادهم لا يزيد عن أصابع اليدين»، فإنه ناشد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل «زيارة الدائرة وقلم النفوس للإطلاع على واقع الأمور ميدانياً، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحسين الأداء، والحد من إهانة الكرامات والإطالة غير المفهومة في إنجاز المعاملات»، وإن كان حمّل الوزراء الذين تعاقبوا قبله على وزارة الداخلية «مسؤولية التسيّب الذي عمره عشرات السنين».
حركة المخاتير الإحتجاجية سلطت الأضواء مجدداً على واقع دوائر الأحوال الشخصية وأقلام النفوس في طرابلس والشمال، التي تعاني من مشاكل وصعوبات جمّة، أبرزها مشكلتان: النقص الكبير في عدد الموظفين. فقلم نفوس طرابلس يفترض أن يداوم فيه 32 موظفاً، بينما عددهم الحالي لا يتجاوز 10 موظفين، ولم يتم إلحاق أي موظف جديد بالقلم، مع أن مجلس الخدمة المدنية وزع 100 موظف على أقلام نفوس في أكثر من منطقة لبنانية، لم تكن طرابلس من بينها برغم حاجتها الماسّة الى موظفين.
أما العامل الثاني فهو ضرورة إعتماد المكننة التي تسهل العمل وتسرعه، وتجنب وقوع الكثير من الأخطاء، وهو أمر بات معتمداً في أغلب الدول المجاورة للبنان مثل سوريا والأردن، بينما لم يُقدم لبنان إلا على مبادرة يتيمة في هذا المجال أيام الوزير الاسبق للداخلية ميشال المر، لكن كان مصيرها الفشل.