6 مليارات دولار، هي قيمة الإيرادات السنوية الناتجة من الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية (القطع الأثرية والفنية مثالاً). الرقم ليس نهائياً، ولكن لا يستهان به، وقد صدر وفقاً لتقديرات الشرطة الجنائية «الإنتربول». فهذا النوع من الاتجار بات يحتل إحدى المراتب الأولى في العالم من حيث الإيرادات، شأنه في ذلك شأن الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات.ينمو هذا القطاع من العمليات المتأتية من نهب المواقع الأثرية والاتجار بالقطع الفنية الدينية والطفرة التي تشهدها سوق التحف الفنية في العالم، على نحوٍ يوسّع رقعة الأعمال الإجرامية المرتبطة بتنقل الممتلكات الثقافية وبتمويل الأنشطة الإرهابية. هذا النمو يأتي على حساب بلدانٍ كثيرة؛ إذ إن الكثير من البلدان الأفريقية فقدت ما يصل إلى 95% من ممتلكاتها الثقافية التي تتوزع اليوم على مجموعات عامة، وخصوصاً خارج حدود القارة. ومنذ عام 1975، اقتُلع أو شُوِّه أو حُطِّم المئات من تماثيل بوذا في معبد أنكور في كمبوديا. وفي هذا الإطار، ترى منظمة اليونسكو أن أعمال التخريب هذه تُرتكب مرة واحدة على الأقل كل يوم. في أميركا الوسطى، مثلاً، تؤدي أعمال التنقيب غير القانونية كل شهر إلى استخراج ما لا يقل 1000 قطعة خزفية تابعة لشعوب المايا، تُقدّر قيمتها بما يساوي 10 ملايين دولار. وتُعَدّ خسارة العراق للآثار بعد الاجتياح الأميركي الأضخم عالمياً؛ إذ سرقت من أراضيه نحو 15000 قطعة من المتحف الوطني في بغداد، مع العلم بأنه استُردّت نحو 2000 قطعة منها من الولايات المتحدة، و250 من سويسرا و100 من إيطاليا. كذلك وُجد ما يناهز 2000 قطعة في الأردن، وعُثر على أخرى في لبنان. لكن أكثر من نصف عدد هذه القطع لا يزال مفقوداً.
أما بالنسبة إلى أفغانستان، فليست هناك إحصاءات تحدد حجم خسارة هذه الدولة لآثارها خلال فترة حكم طالبان أو ما بعد الاجتياح الأخير، ولكن ما هو معروف عالمياً أن قيمة بعض القطع تزداد بعشرة أمثال بين عملية التنقيب غير القانونية وعملية البيع النهائية. ويُذكر أن نسبة الارتفاع هذه تفوق ما يُسجل في مجال الاتجار بالمخدرات.
وتجدر الإشارة إلى أن الدعاوى القانونية والضغط الإعلامي كانت سبباً أساسياً في دفع بعض المتاحف في أميركا الشمالية إلى تعديل سياسات اقتناء الممتلكات الثقافية استناداً إلى اتفاقية اليونسكو عام 1970. كذلك قام عدد منها، مثل متحف المتروبوليتان في نيويورك ومتحف بوسطن ومتحف غيتي بإرجاع نحو 120 أثراً ثقافياً إلى بلدانها الأصلية، ولا سيما إيطاليا واليونان وتركيا. أما العراق ومصر فقد نجحتا بين عامي 2002 و2011 في استرداد نحو 5000 قطعة مسروقة، علماً بأن عدداً من المواقع الأثرية التي تتسم بأهمية كبيرة تعرضت للتخريب خلال الأحداث الأخيرة، ولا سيما مقبرتان في سقارة وأبو صير. تجدر الإشارة إلى أن الاتجار ونقل الممتلكات الثقافية عبر شبكة الإنترنت يشهد نشاطاً تجارياً هذه الأيام.