تُصرّ المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، ومعها الإتحاد الأوروبي (بالتمويل)، على مناهضة عقوبة الإعدام في العالم العربي. فبعد الأردن ومصر والجزائر والمغرب وتونس واليمن، حطت المنظمة الدولية رحال ورش أعمالها في لبنان.اجتمع نحو 20 شاباً وشابة، أمس، في فندق «هوليدي إن» لمناقشة «دور الإعلام في مناهضة عقوبة الإعدام». انقسموا إلى مجموعتين، مع وضد، فأدلى كل منهما بما لديه من حجج تدعم موقفه. لم يدخل النقاش في عمق القضية، الجدلية بامتياز، في ظل غياب الخبراء وأهل الاختصاص، فاقتصر بأغلبه على مداخلات الشبّان الناشطين في الحقل الإعلامي.
أكثر الأسباب الموجبة للإبقاء على عقوبة الإعدام، بحسب المؤيدين لها، هو «ردع الجريمة في المجتمع». من هذا المنطلق، يرفضون استبدال هذه العقوبة بالسجن المؤبد، لأن من يدخل السجن، ولو لسنوات طويلة، فإن مجتمعه ينساه، وربما لا يعرف به أحد، بينما من يُعدم فإنه سيُعرف حتماً وسيكون لما حل به صدى واسع. التشريعات الدينية كانت، بالنسبة للبعض، إحدى الأسباب الموجبة للإبقاء على الإعدام. بيد أن أحداً من الحاضرين لم يوضح، على نحو معمق، قول الدين في هذه المسألة. إحدى الحاضرات رأت أن الدين الإسلامي لا يجيز عقوبة الإعدام إلا في حالات نادرة، أو شبه مستحيلة، إذ ثمة آيات كثيرة في القرآن الكريم تتحدث عن العقوبات ثم تعود لتختم بعبارة «وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم».
رافضو الإعدام قالوا إن هذه العقوبة تتعارض أيضاً مع القوانين الدولية، وأنها، أيضاً، تتعارض والمبادئ الحديثة للعقوبات، التي باتت تقوم على «إصلاح الجاني وإعادة دمجه في المجتمع، بدل الإنتقام منه، علماً أن الإحصاءات تشير إلى أن الدول التي ما زالت تقيم عقوبة الإعدام، لم تنخفض فيها نسبة الجريمة، وبالتالي الكلام عن ردع الجناة الإفتراضيين غير صحيح». وفيما لم يذكر أي من الحاضرين أرقاماً تثبت ما ذهبوا إليه، أو مصدر تلك الإحصاءات، كانت للقضاء حصته من الإنتقاد. فالجسم القضائي في لبنان، مثلاً، تحكمه في إصدار أحكام العقوبات «حسابات سياسية ومذهبية على من تنفذ بحقهم عقوبة الإعدام».
مع انتهاء جلسة النقاش، سأل المنظمون المحليون لورشة العمل، وهم من جمعية «ألف» (الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب)، ما إذا كان أحد من الفريقين قرر الإنتقال إلى الفريق الآخر، فلم يجب أحد.
هكذا، انتهت الجلسة الأولى، لتتبعها اليوم جلسة ثانية، ولكن بحضور أخصائيين، حيث سيتم تناول «واقع عقوبة الإعدام في لبنان - التشريع والممارسة».
يُذكر أنه في حالة لبنان، فإن النصوص القانونية التي تشرّع عقوبة الإعدام موجودة في القوانين التالية: العقوبات المدني، العقوبات العسكري، المخدرات، المحافظة على البيئة. وهذه النصوص تتوزع على 24 مادة قانونية، تنطوي على عدد أكبر من الحالات التي يُعاقب عليها بالإعدام. ويُشار إلى أن آخر عقوبة إعدام نُفّذت في لبنان كانت عام 2004، وقد صدرت بعدها عدّة أحكام بتلك العقوبة ولكن من دون تنفيذ.