صور | مثّل المؤتمر الدولي «تاريخ صور من خلال علم الآثار»، الذي عقد يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين في مدينة صور، تظاهرة علمية مهمة لجهة تلاقي أطراف محلية ودولية متخصصة على القيمة الأثرية والحضارية للمدينة. وحشد المؤتمر ثلاثين خبيراً وعالماً أثرياً من لبنان وفرنسا وإسبانيا وكندا والولايات المتحدة، وافتتحه وزير الثقافة غابي ليون في «مركز الآثار التحتمائية» الذي افتتح في المدرسة الإنجيلية، بعد ترميمها، ضمن مشروع الإرث الثقافي.والتأم المشاركون في ست جلسات عمل تمحورت حول أعمال الترميم في صور وموقعها في التراث العالمي والتطور الحضاري فيها حتى أوائل القرن التاسع عشر، كما دار نقاش طويل بين العلماء حول أبرز الاكتشافات الأثرية التي حصلت في العقد الماضي في المدينة، مثل المقبرة الفينيقية في البص والمرفأ الفينيقي وكاسر الموج فيه والحمامات الكبيرة وصناعة الزجاج والتجارة.
وقد رأى رئيس بلدية صور حسن دبوق أن أهمية المؤتمر تكمن في تحوله الى موسوعة أبحاث ومقالات نفذت حول تاريخ صور، وباتت كل المداخلات تمثّل مرجعاً موثقاً لكل من يرغب في التعرف الى تاريخ المدينة ويبحث في سبل تطويرها والمحافظة عليها».
لكن نقاش العلماء بقي محصوراً بينهم، خلف جدران مكتب المديرية العامة للآثار الجديد. فالكثيرون في المنطقة لم يكونوا على علم بالحدث العالمي الذي لم تُدعَ إليه إلا وسائل الإعلام وفاعليات المؤتمر، فيما استُثني الناشطون والفاعليات الأهلية في صور. كما أن المعرض الذي افتتح على هامش المؤتمر في «بيت المملوك»، بالتعاون مع المكتبة الشرقية في جامعة القديس يوسف، لم يشهد إقبالاً من المواطنين، علماً بأنه يجمع صوراً جوية نادرة لمدن صور وطرابلس وصيدا تظهر منهجيات التصوير الجوي والبرمائي في بداية القرن العشرين.
مصدر مطّلع على خلفيّات المؤتمر أكد لـ«الأخبار» أن اقتصار الحضور على الأثريين والأساتذة الجامعيين «كان بقرار مسبق، فالدعوة هي للمتخصصين في مجال التنقيب والبحث العلمي. وهدف المؤتمر ليس إعلامياً أو سياحياً، بل كان علمياً وخاصة لناحية جمع علماء من مختلف أنحاء العالم، لهم اهتمام بتاريخ صور ونشروا بحوثاً وقاموا بالتنقيب في مواقعها».
الوجه العلمي للمؤتمر ضروري. لكن، هل يستحيل دمج العلم بالمجتمع؟ وخصوصاً أن المرحلة الثالثة من مشروع الإرث الثقافي والتنمية المدنية الخاصة بترميم المواقع الأثرية في صور تطلب ورشات عمل تهدف الى توعية المواطنين بالتنسيق مع بلدية صور والجمعيات الأهلية على قيمة الكنوز الأثرية الموجودة في المدينة. فلماذا لم يبدأ العمل خلال وجود هؤلاء العلماء؟ ولماذا استبعد أبناء المدينة عن أهم حدث علمي يتعلق بمدينتهم، وهم أول المعنيين بالمحافظة على هذا التراث؟